الحسن وابن كيسان : ليقتلونك. قال الزجاج في الآية : مذهب أهل اللغة والتأويل أنهم من شدّة إبغاضهم وعداوتهم يكادون بنظرهم نظر البغضاء أن يصرعوك ، وهذا مستعمل في الكلام ، يقول القائل نظر إليّ نظرا يكاد يصرعني ، ونظرا يكاد يأكلني. قال ابن قتيبة : ليس يريد الله أنهم يصيبونك بأعينهم كما يصيب العائن بعينه ما يعجبه ، وإنما أراد أنهم ينظرون إليك إذا قرأت القرآن نظرا شديدا بالعداوة والبغضاء يكاد يسقطك ، كما قال الشاعر :
يتقارضون إذا التقوا في مجلس |
|
نظرا يزيل مواطئ الأقدام |
(لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ) أي : وقت سماعهم للقرآن لكراهتهم لذلك أشدّ كراهة ، ولما : ظرفية منصوبة بيزلقونك ، وقيل : هي حرف ، وجوابها محذوف لدلالة ما قبله عليه أي لما سمعوا الذكر كادوا يزلقونك (وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ) أي : ينسبونه إلى الجنون إذا سمعوه يقرأ القرآن ، فردّ الله عليهم بقوله : (وَما هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ) والجملة مستأنفة ، أو في محل نصب على الحال من فاعل يقولون ، أي : والحال أنه تذكير وبيان لجميع ما يحتاجون إليه ، أو شرف لهم كما قال سبحانه : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ) وقيل : الضمير لرسول الله صلىاللهعليهوسلم وإنه مذكر للعالمين أو شرف لهم.
وقد أخرج البخاري وغيره عن أبي سعيد قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة ، فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقا واحدا» وهذا الحديث ثابت من طرق في الصحيحين وغيرهما ، وله ألفاظ في بعضها طول ، وهو حديث مشهور معروف. وأخرج ابن مندة عن أبي هريرة في الآية قال : يكشف الله عزوجل عن ساقه. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن مندة عن ابن مسعود في الآية قال : يكشف عن ساقه تبارك وتعالى. وأخرج أبو يعلى وابن جرير وابن المنذر ، وابن مردويه في الأسماء والصفات ، وضعّفه وابن عساكر عن أبي موسى عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم في الآية قال : «عن نور عظيم فيخرّون له سجدا». وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن مندة والبيهقي عن إبراهيم النّخعي عن ابن عباس في الآية قال : يكشف عن أمر عظيم ، ثم قال : قد قامت الحرب على ساق. قال : وقال ابن مسعود : يكشف عن ساقه فيسجد كلّ مؤمن ، ويقسو ظهر الكافر فيصير عظما واحدا. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم ، والحاكم وصحّحه ، والبيهقي في الأسماء والصفات ، عن ابن عباس أنه سئل عن قوله : (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ) قال : إذا خفي عليكم شيء من القرآن فابتغوه في الشعر فإنه ديوان العرب ، أما سمعتم قول الشاعر :
وقامت الحرب بنا على ساق (١)
قال ابن عباس : هذ يوم كرب شديد ، روي عنه نحو هذا من طرق أخرى ، وقد أغنانا الله سبحانه في
__________________
(١). جاء هذا القول على المثل. كما في اللسان (مادة سوق) ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة ص (٤٨١)