والخلاف فيه. وقيل معنى (مَقْصُوراتٌ) : أنهنّ قصرن على أزواجهنّ فلا يردن غيرهم ، وحكاه
الواحدي عن المفسرين. والأوّل أولى ، وبه قال أبو عبيدة ومقاتل وغير هما. قال في
الصّحاح : قصرت الشيء أقصره قصرا : حبسته ، والمعنى : أنهنّ خدّرن في الخيام.
والخيام جمع خيمة ، وقيل : جمع خيم ، والخيم : جمع خيمة ، وهي أعواد تنصب وتظلّل
بالثياب ، فتكون أبرد من الأخبية. قيل : الخيمة من خيام الجنة درّة مجوّفة فرسخ في
فرسخ. وارتفاع «حور» على البدلية من خيرات (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ
إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌ) قد تقدّم تفسيره في صفة الجنتين الأوليين (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) فإنها كلها نعم لا تكفر ومنن لا تجحد (مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ) انتصاب (مُتَّكِئِينَ) على الحال أو المدح كما سبق ، قال أبو عبيدة : الرفارف
: البسط ، وبه قال الحسن ومقاتل والضحاك وغيرهم. وقال ابن عيينة : هي الزرابي.
وقال ابن كيسان : هي المرافق. وروي عن أبي عبيدة أنه قال : هي حاشية الثوب. وقال
الليث : ضرب من الثياب الخضر. وقيل : الفرش المرتفعة ، وقيل : كل ثوب عريض. قال في
الصحاح : والرّفرف : ثياب خضر تتّخذ منها المحابس ، الواحدة رفرفة. وقال الزجاج :
قالوا الرّفرف هنا رياض الجنة ، وقالوا : الرّفرف : الوسائد ، وقالوا : الرّفرف : المحابس
ا ه. ومن القائلين بأنها رياض الجنة سعيد بن جبير ، واشتقاق الرّفرف من رفّ يرفّ ؛
إذا ارتفع ، ومنه رفرفة الطائر ، وهي تحريك جناحيه في الهواء. قرأ الجمهور : (رَفْرَفٍ) على الإفراد. وقرأ عثمان بن عفان والحسن والجحدري رفارف
على الجمع (وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ) العبقري : الزرابي والطنافس الموشية. قال أبو عبيدة :
كلّ وشي من البسط عبقريّ ، وهو منسوب إلى أرض يعمل فيه الوشي. قال الفرّاء : العبقريّ
: الطنافس الثخان. وقيل : الزرابي ، وقيل : البسط ، وقيل : الديباج. قال ابن
الأنباري : الأصل فيه أن عبقر قرية تسكنها الجنّ ينسب إليها كل فائق ، قال الخليل
: العبقريّ عند العرب كل جليل فاضل فاخر من الرجال والنساء ، ومنه قول زهير :
بخيل عليها
جنّة عبقريّة
|
|
جديرون يوما
أن ينالوا فيستعلوا
|
قال الجوهريّ :
العبقريّ موضع تزعم العرب أنه من أرض الجن. قال لبيد :
كهول وشبّان كجنّة عبقر
ثم نسبوا إليه
كل شيء تعجبوا من حذقه وجودة صنعته وقوّته فقالوا : عبقري ، وهو واحد وجمع. قرأ
الجمهور : (عَبْقَرِيٍ) وقرأ عثمان بن عفان والحسن والجحدري «عباقريّ» وقرئ «عباقر»
وهما نسبة إلى عباقر اسم بلد. وقال قطرب : ليس بمنسوب ، وهو مثل كرسيّ وبختيّ
وبخاتي. قرأ الجمهور (خُضْرٍ) بضم الخاء وسكون الضاد ، وقرئ بضمهما وهي لغة قليلة. (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) فإن كل واحد منها أجلّ من أن يتطرق إليه التكذيب ،
وأعظم من أن يجحده جاحد أو ينكره منكر ، وقد
__________________