وروي أنها في السماء السابعة. و (الْمُنْتَهى) : مكان الانتهاء ، أو هو مصدر ميمي ، والمراد به الانتهاء نفسه ، وقيل : تنتهي إليها أرواح الشهداء ، وقيل : غير ذلك. وإضافة الشجرة إلى المنتهى من إضافة الشيء إلى مكانه. (عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى) أي : عند تلك السدرة جنّة تعرف بجنة المأوى ، وسمّيت جنة المأوى لأنه أوى إليها آدم ، وقيل : إن أرواح المؤمنين تأوي إليها. قرأ الجمهور (جَنَّةُ) برفع جنة على أنها مبتدأ وخبرها الظرف المتقدّم. وقرأ عليّ وأبو الدرداء وأبو هريرة وابن الزبير وأنس وزرّ بن حبيش ومحمد بن كعب ومجاهد وأبو سبرة الجهني «جنّة» فعلا ماضيا من جنّ يجن ، أي : ضمّه المبيت ، أو ستره إيواء الله له. قال الأخفش : أدركه كما تقول جنّة الليل ، أي : ستره وأدركه ، والجملة في محل نصب على الحال (إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى) العامل في الظرف رآه أيضا ، وهو ظرف زمان ، والّذي قبله ظرف مكان ، والغشيان بمعنى التغطية والسرّ ، وبمعنى الإتيان ، يقال : فلان يغشاني كل حين ، أي : يأتيني ، وفي الإبهام في قوله : (ما يَغْشى). من التفخيم ما لا يخفى ، وقيل : يغشاها جراد من ذهب ، وقيل : طوائف الملائكة. وقال مجاهد : رفرف أخضر ، وقيل : رفرف من طيور خضر ، وقيل : غشيها أمر الله ، والمجيء بالمضارع لحكاية الحال الماضية استحضارا للصورة البديعة ، أو للدلالة على الاستمرار التجددي (ما زاغَ الْبَصَرُ) أي : ما مال بصر النبي عما رآه (وَما طَغى) أي : ما جاوز ما رأى ، وفي هذا وصف أدب النبي صلىاللهعليهوسلم في ذلك المقام حيث لم يلتفت ، ولم يمل بصره ، ولم يمدّه إلى غير ما رأى ، وقيل : ما جاوز ما أمر به (لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى) أي : والله لقد رأى تلك الليلة من آيات ربه العظام ما لا يحيط به الوصف ، وقيل : رأى رفرفا سدّ الأفق ، وقيل : رأى جبريل في حلّة خضراء ، قد ملأ ما بين السماء والأرض ، له ستّمائة جناح ، كذا في صحيح مسلم وغيره ، وقال الضحاك : رأى سدرة المنتهى ، وقيل : هو كل ما رآه تلك الليلة في مسراه وعوده ، و «من» للتبعيض ، ومفعول «رأى» : «الكبرى» ، ويجوز أن يكون المفعول محذوفا ، أي رأى شيئا عظيما من آيات ربه ، ويجوز أن تكون «من» زائدة (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى ـ وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) لما قصّ الله سبحانه هذه الأقاصيص قال للمشركين موبخا ومقرّعا : (أَفَرَأَيْتُمُ) أي : أخبروني عن الآلهة التي تعبدونها من دون الله هل لها قدرة توصف بها؟ وهل أوحت إليكم شيئا كما أوحى الله إلى محمد؟ أم هي جمادات لا تعقل ولا تنفع؟ ثم ذكر هذه الأصنام الثلاثة التي اشتهرت في العرب وعظم اعتقادهم فيها. قال الواحدي وغيره : وكانوا يشتقون لها اسما من أسماء الله تعالى ، فقالوا من الله اللات ، ومن العزيز العزّى ، وهي تأنيث الأعز بمعنى العزيزة ، ومناة من منى الله الشيء إذا قدّره. قرأ الجمهور : (اللَّاتَ) بتخفيف التاء ، فقيل : هو مأخوذ من اسم الله سبحانه كما تقدّم ، وقيل : أصله لات يليت ، فالتاء أصلية ، وقيل : هي زائدة ، وأصله لوى يلوي ؛ لأنهم كانوا يلوون أعناقهم إليها ، أو يلتوون عليها ، ويطوفون بها. واختلف القراء هل يوقف عليها بالتاء أو بالهاء؟ فوقف عليها الجمهور بالتاء ووقف عليها الكسائي بالهاء ، واختار الزجاج والفراء الوقف بالتاء لاتباع رسم المصحف فإنها تكتب بالتاء ، وقرأ ابن عباس وابن الزبير ومجاهد ومنصور بن المعتمر وأبو الجوزاء وأبو صالح وحميد (اللَّاتَ) بتشديد التاء ، ورويت القراءة عن ابن كثير ، فقيل : هو اسم رجل كان