المرسل. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضا (يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً) قال : تحرك ، وفي قوله : (يَوْمَ يُدَعُّونَ) قال : يدفعون. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه أيضا : (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) قال : يدفع في أعناقهم حتى يردوا النار. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضا في قوله : (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً) أي : لا تموتون فيها ، فعندها قالوا : (أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ ـ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) (١).
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ (٢١) وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٢٢) يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ (٢٣) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ (٢٤) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (٢٥) قالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ (٢٦) فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنا وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ (٢٧) إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (٢٨) فَذَكِّرْ فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ (٢٩) أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (٣٠) قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ (٣١) أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ (٣٢) أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لا يُؤْمِنُونَ (٣٣) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ (٣٤))
لما فرغ سبحانه من ذكر أهل الجنة على العموم ذكر حال طائفة منهم على الخصوص ، فقال : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) والموصول مبتدأ ، وخبره (أَلْحَقْنا بِهِمْ) ويجوز أن يكون منصوبا بفعل مقدّر ، أي : وأكرمنا الذين آمنوا ، ويكون «ألحقنا» مفسرا لهذا الفعل المقدّر. قرأ الجمهور : (وَاتَّبَعَتْهُمْ) بإسناد الفعل إلى الذرّية. وقرأ أبو عمرو : «أتبعناهم» بإسناد الفعل إلى المتكلم ، كقوله : ألحقنا. وقرأ الجمهور : (ذُرِّيَّتُهُمْ) بالإفراد. وقرأ نافع وابن عامر وأبو عمرو ويعقوب على الجمع ، وجملة : (وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ) معطوف على آمنوا ، أو معترضة ، و (بِإِيمانٍ) متعلّق بالاتباع ، ومعنى هذه الآية : أن الله سبحانه يرفع ذرّية المؤمن إليه وإن كانوا دونه في العمل ؛ لتقر عينه ، وتطيب نفسه ، بشرط أن يكونوا مؤمنين ، فيختصّ ذلك بمن يتّصف بالإيمان من الذرية وهم البالغون دون الصغار ، فإنهم وإن كانوا لاحقين بآبائهم فبدليل آخر غير هذه الآية. وقيل : إن الذرّية تطلق على الكبار والصغار كما هو المعنى اللغوي ، فيلحق بالآباء المؤمنين صغار ذرّيتهم وكبارهم ، ويكون قوله : (بِإِيمانٍ) في محل نصب على الحال ، أي : بإيمان من الآباء. وقيل : إن الضمير في «بهم» راجع إلى الذرّيّة المذكورة أوّلا ، أي : ألحقنا بالذرّية المتبعة لآبائهم بإيمان ذرّيتهم. وقيل : المراد بالذين آمنوا المهاجرون والأنصار فقط ، وظاهر الآية العموم ، ولا يوجب تخصيصها بالمهاجرين والأنصار كونهم السبب في نزولها إن صحّ ذلك ، فالاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب (وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) قرأ الجمهور بفتح اللام من (أَلَتْناهُمْ) وقرأ ابن كثير بكسرها ،
__________________
(١). الصافات : ٥٨ ـ ٥٩.