وقد ورد في الآيات القرآنية والروايات الشريفة عن اليهود أنّهم قتلوا الكثير من الأنبياء الإلهيين لمجرّد مخالفتهم لهم ونهيهم عن سلوكياتهم المنحرفة ورغباتهم اللامشروعة في هذه الحياة ، وكذلك تحريفهم لآيات الله وكتبه السماوية وكلّ ذلك كان بسبب حرصهم وحبهم للدنيا.
«الآية الخامسة» تتحرّك على مستوى استعراض صفات الإنسان وحالاته السلبية من الحرص والجزع والبخل وأمثال ذلك وتقول : (إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً* إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً* وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً).
وقد ذكر المفسّرون وأرباب اللغة لكلمة «هلوع» معان كثيرة ، وفي الواقع أكثرها من باب اللازم والملزوم ومتقاربة المعنى ، ومن ذلك ما ذكره صاحب لسان العرب من المعاني الأربعة لهذه الكلمة وهي : الحرص ، الجزع ، الضجر ، وقلة الصبر ، وأورد في «مجمع البيان» أيضاً لمعنى الهلوع : «ضجور» و«شحيح» و«جزع» و«شديد الحرص».
وذهب صاحب كتاب التحقيق أنّ الجذر الأصلي لهذه الكلمة هو رغبة الإنسان في الاستمتاع بالنعم والملذات ، أما الجزع والحرص وقلّة الصبر فكلّها من آثار هذه الكلمة ومعناها الأصلي.
ومن مجموع ما تقدّم يظهر أنّ هذه الكلمة تتضمن ثلاث نقاط سلبية في دائرة الأخلاق وهي : الحرص ، الجزع والبخل.
وفي الواقع فإنّ تفسير كلمة «هلوع» ورد في نفس السورة بعد هذه الآية حيث يمكن استفادة المفهوم الواقعي لها بحيث تتضمن هذه المعاني الثلاثة لأن «جزوع» من مادة «جزع» و«منوع» من مادّة «منع» ، ويدخل في معناها البخل والحرص.
وعلى أيّة حال فإنّ الآيات المذكورة وردت في مقام ذم الأشخاص الّذين يستولي عليهم الحرص والبخل والجزع.
ويمكن القول أنّ «الحرص» هو المصدر الأساس للبخل ، لأن الحريص يريد الاحتفاظ