التراب من بين أصابعه وأطراف كفه على الأرض فقال عليهالسلام : «القوام ما يخرج من بين الأصابع ويبقى في الراحة منه شيء» (١).
وفي الآية مورد البحث ورد التعبير عن البخل بأنه «اليد المغلولة إلى العنق» ، وعبّرت الآية عن الإسراف بقولها (تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ) ، وبذلك تحدّثت عن هذين المفهومين من موقع الذمّ والتوبيخ وذكرت في هذا السبيل عاقبة هذين السلوكين بقولها (مَلُوماً مَحْسُوراً).
ومن مجموع الآيات الشريفة المذكورة آنفاً والّتي تحدّثت عن السخاء والانفاق والبذل وما ورد في تفسيرها يتضح جيداً عظمة وأهمية هذه الصفة الإنسانية والسامية من بين الصفات الأخلاقية والقيم الإنسانية حيث إنّ الجود والكرم والسخاء لا تتسبب في سعادة المجتمعات البشرية ومحاربة الفقر وأنواع الحرمان والّتي هي بدورها تكون منشئاً للكثير من الذنوب والسلبيات الاخرى فحسب ، بل لها دورٌ مهم في تكامل الإنسان المعنوي والروحي في خط التقوى والانفتاح على الحقّ.
السخاء في الروايات الإسلامية :
وقد ورد في الروايات الإسلامية تعبيرات كثيرة وشامخة حول الجود والسخاء يقل نظيرها بالنسبة إلى الصفات الاخرى ، ونختار منها نماذج لبيان هذا المضمون والمحتوى :
١ ـ ورد في الحديث الشريف عن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «السَّخاءُ خُلْقُ اللهِ الاعْظَمُ» (٢).
وفي الحقيقة أنّ جميع أشكال السخاء والكرم في عالم الوجود ما هو إلّا تجليات للكرم الإلهي الواسع لأن كلّ ما لدينا فهو من الله تعالى من أنواع النعم والمواهب ، الأرض والسماء ، الحياة ومتعلقاتها الكثيرة وكلّ شيء فهو من نعمه وكرمه ، وكلّ كرم فهو فرعٌ من ذلك الأصل اللامتناهي والأبدي ، لأنّه لو لم نحصل على نعمة وموهبة من الله تعالى فليس بامكاننا بذل
__________________
١ ـ تفسير نور الثقلين ، ج ٣ ، ص ١٥٨.
٢ ـ كنز العمال ، ج ٦ ، ص ٣٣٧ ، ح ١٥٩٢٦.