يوماً في الأكواخ.
فمثل هذا الشيء بمثل هذا القدر من التزلزل والاهتزاز كيف يمكنه أن يكون عنصر الافتخار للإنسان وسبباً لغفلته عن مصيره وكمالاته المعنوية في حركة الإنسان والحياة؟
وإذا كان سبب الكبر والغرور هو العلم الكثير ومع الأسف يُعتبر هذا من أقبح الآفات النفسانية الّتي تصيب الإنسان وبهذه النسبة يكون علاجه أصعب وأعقد من العلل الاخرى وخاصة مع ورود الكثير من الآيات والروايات في فضل العلم والتعلم حيث يمكن أن يصاب الإنسان بالغرور والكبر بعد قرائتها ومطالعتها ، فيجب أن يتفكر أصحاب العلم والمعرفة أنّ القرآن الكريم وفي الآية (٥) من سورة الجمعة قد شبّه العلماء الّذين لا يتحركون على مستوى تطبيق علمهم في ممارساتهم وسلوكياتهم ، شبّههم بالحمار الّذي يحمل الكتب والأسفار على ظهره (كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً).
وأيضاً يتفكر في أنّ الشخص العالم ستكون مسؤوليته ثقيلة بنفس نسبة علمه إلى الآخرين ويمكن أن يغفر الله تعالى للجاهل سبعين ذنباً قبل أن يغفر للعالم ذنب واحد كما ورد في الروايات الشريفة.
ولا ينبغي أن ننسى أنّ حسابهم يوم القيامة أصعب وأشد من حساب الآخرين ، فكيف والحال هذه يكون العلم هذا سبباً للمباهات والافتخار على الغير؟
وأخيراً إذا كان سبب التكبّر هو العبادة وطاعة الله تعالى فيجب على هذا الإنسان أن يتفكر في أنّ الله لا يقبل من العبادة ما كان خليطاً بالعجب والكبر ويعلم أنّ الجاهل النادم أقرب إلى النجاة من العابد المغرور.
هذا ولا سيّما إذا أخذنا بنظر الاعتبار أنّ قبول العبادة مشروط بأن يرى الإنسان في نفسه الحقارة والدونية مقابل عظمة الله وقدرته وفضله على العباد ولو انه جاء بجميع عبادات الجن والأنس لوجد أنّ عليه أن يعيش الخوف والخشية من الله تعالى ولا يغفل عن ذلك طرفة عين.