٥ ـ اليقظة والانتباه
«اليقظة» هي اليقظة المقابلة للغفلة وتأتي بمعنى الانتباه من النوم البدني أو النفسي ، وقد ذهب بعض العرفاء إلى أنّ اليقظة هي أوّل منازل السير والسلوك لأرباب المعرفة.
واليقظة في مصطلح العرفاء الإسلاميين هي الانتباه من نوم «الغفلة» والتوجه للأعمال والأفعال من موقع الضبط والوعي ولجبران الأخطاء السالفة وتصحيح المسيرة في حركة السلوك المعنوي للإنسان.
الإمام الخميني يرى في كتاب «الجهاد الأكبر أو جهاد النفس» ضمن اعتقاده بان اليقظة هي الخطوة الاولى في تهذيب النفس يقول في ذيل بحثه عن اليقظة «إلى متى تريد أن تبقى في نوم «الغفلة» وأنت غارق في لجة الفساد والشر ، اتقِ الله وأحذر عواقب الامور وانتبه من نوم الغفلة ، فأنت لحدّ الآن لم تخطو الخطوة الاولى في سلوكِكَ إلى الله تعالى فالقدم الأوّل في دائرة السلوك هو «اليقظة» ، ولكنك ما زلت في حالة النوم ، فافتح عينيك وقلبك واترك نومك ، فلو أنّ قلبك لم يكن ملوثاً بآفاق الذنوب السوداء لم تقنع وتستمر على هذا النوم وكأن شيئاً لم يكن ، فلا تشعر ما ذا يجري حولك بل تستمر في سلوكك وأعمالك وأقوالك الباطلة ، فلو أنك تفكرت قليلاً في أمر آخرتك وعاقبتك المخيفة يوم القيامة لتحركت من موقع الاهتمام بالتكاليف وأداء المسؤوليات الثقيلة الملقاة على عاتقك».
امّا الآيات والروايات الشريفة الّتي تقرر هذا المضمون والمحتوى فكثيرة ، وأساساً فإنّ جميع آيات الإنذار والبشارة هو من أجل الوصول إلى هذه الغاية والهدف ، أو إزالة آثار الغفلة عن قلب الإنسان وإيقاظه إلى ما ينتظره في الغد ولكي لا يبقى في نوم الغفلة والجهل.
إن من جملة التعبيرات القرآنية في دائرة الانذار والتحذير هي (أَفَلا تَعْقِلُونَ)(١) (أَفَلا تَذَكَّرُونَ)(٢) و (أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ) وا ولم يتدبروا القرآن وأمثال ذلك.
فكلّها بمثابة الاعلام عن الخطر المحدق بالإنسان وايقاظه من النوم العميق الّذي يعيشه
__________________
١ ـ ذكرت هذه العبارة ١٣ مرّة في القرآن الكريم.
٢ ـ ذكرت أيضاً هذه العبارة في ٧ مواضع.