اضَاءَتْ لَهُ الشُّبُهَاتِ وَكَفَى الْمَؤُونَاتِ وَامِنَ التَّبِعَاتِ» (١).
٣ ـ أسباب التوكل
إن التوكل كسائر الفضائل الأخلاقية له أسباب ودوافع عديدة ، ويمكن القول أنّ أهمّ الأسباب والعوامل الّتي تمثل البنى التحتية لصرح التوكل هو الإيمان واليقين بالذات المقدسة والمعرفة بصفات الجمال والجلال الإلهية.
عند ما يقف الإنسان على قدرة الله وعلمه الواسع من موقع الوضوح والإدراك التام وأنّ جميع المخلوقات في عالم الوجود ما هي إلّا أدوات مسخرة للقدرة الإلهية المطلقة ، ويدرك جيداً مفهوم «لَا مُؤَثِّرَ فِي الْوُجُودِ الَّا الله» ، فإنه يرى نفسه وقلبه معلّقاً بهذا الواقع الغيبي ، ويرى عالم الوجود ميدان واسع للألطاف الإلهية العظيمة ، ومن هذا المنطلق يجد في نفسه حالة التوكل على الله تعالى ويفوض أمره إليه ويطرق بابه في الأزمات والشدائد والمشكلات الّتي تواجهه في واقع الحياة ، ويطلب منه أن يعينه في حلّها والتغلب عليها (مع اقتران ذلك بسعيه وعمله).
وبعبارة اخرى إن التوكل هو ثمرة لشجرة (التوحيد الأفعالي) هذه الشجرة المباركة الّتي أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي اكلها كلّ حين بإذن ربها ، ومن أهم ما يتناول الإنسان منها هو ثمرة التوكل.
وقد أشارت الآيات القرآنية والأحاديث الإسلامية كراراً إلى هذه العبارة الشريفة ، ومن ذلك انها وردت في سبع آيات من القرآن الكريم وهي : «وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ».
أي إن الإنسان الّذي يعيش الإيمان يجب عليه أن يتوكل على الله فقط ، وهذه العبارة تبين جيداً الرابطة الوثيقة بين الإيمان والتوكل.
ويقول الإمام أمير المؤمنين علي عليهالسلام «التَّوَكُّلُ مِنْ قُوَّةِ الْيَقِينِ» (٢).
__________________
١ ـ شرح غرر الحكم ، ج ٥ ، ص ٤١٤ ، ح ٨٩٨٥.
٢ ـ غرر الحكم ، ح ٦٩٩.