الآية الاولى ، أي أنّ الثروة الدنيوية الطائلة ادّت بهم إلى درجة من الغرور والسكر بحيث إنّهم كانوا ينطلقون من موقع السخرية والاستهزاء بفقراء المؤمنين وكانوا يتصورون انه ليس فقط هذه الأموال والثروات هي الخالدة مدى الدهر بل أصحاب الثروة كذلك.
إنّ دراسة حال أصحاب الدنيا العجيب وتعاملهم الغريب مع الواقع يرشدنا إلى ما يحيّر العقول من عجيب سلوكياتهم ، فترى البعض منهم رغم احاطتهم الوافرة بالعلوم المادية والطبيعية ليس لهم هدف سوى جمع الأموال والثروات ، وعند ما يُسألون هؤلاء عن هدفهم من جمع المال رغم أنّهم لا يمتلكون عائلة ولا ينطلقون في سفرات ترفيهية وسياحية ، فيجيبون بأننا نفرح بإضافة صفر أمام أرقام الأموال الموُدعة لنا في البنوك!
النتيجة النهائية :
من مجموع ما تقدّم من الآيات الشريفة وما ذكر لها من تفسير نستنتج أنّ مسألة الحرص والطمع وحبّ الدنيا والشغف بجمع الأموال والثروات أمر خطير جدّاً في دائرة المفاهيم القرآنية ، وهو مصدر لكثير من أشكال الشر والفساد ويُعد من أقوى الموانع في مسيرة تهذيب النفس وفي خط التكامل الأخلاقي والمعنوي.
الحرص وحبّ الدنيا في الأحاديث الإسلامية :
إن مفردة «الحرص» والكلمات المرادفة لها وردت في الأحاديث الإسلامية بشكل واسع على مستوى أبعادها ودوافعها ونتائجها السلبية حيث نختار منها نماذج معدودة :
١ ـ نقرأ في الحديث الشريف عن النبي الأكرم يخاطب فيه أمير المؤمنين فيقول : «اعْلَم يَا عَلِيُّ! انَّ الْجُبْنَ وَالْبُخْلَ وَالْحِرْصَ غَرِيزَةٌ وَاحِدَةٌ يُجْمَعُهَا سُوءُ الظَّنِّ» (١).
__________________
١ ـ ميزان الحكمة ، ج ١ ، ص ٥٨٨ ، رقم ٣١٣٩.