ويتضح جيداً من سياق هذه الآيات ما يلي :
١ ـ إن البخل لا يتسبب في رفع حالة الاحتياج والفاقة في النفس بل إنّ سلوك هذا الطريق سوف يزيد من مشاكل الإنسان الدنيوية والاخروية (والملفت للنظر أنّ كلمة «العسرى» في الآية مطلقة تشمل جميع اشكال العسر في الدنيا والآخرة).
٢ ـ على فرض أنّ هذا الإنسان استطاع الحصول على ثروة طائلة من هذا السبيل واستطاع نقلها إلى الآخرة ، ولكن ما ذا ينفع ذلك عند ما يهوي إلى جهنم في ذلك اليوم؟
وقد ذكر المفسّرون في تفسير كلمة «يسر» وهي النقطة المقابلة للعسر ، احتمالات كثيرة تأتي كلّها أيضاً في النقطة المقابلة لها ، أي مفهوم «العسر» ، الاحتمال الأوّل : أنّ المقصود من ذلك تهيئة أسباب التوفيق للتحرّك في خطّ الطاعة والإيمان والانفتاح على الله تعالى ، وعلى العكس من ذلك كلمة «العسر» والّتي تعني سلب التوفيق للطاعة والايمان ، وذهب بعض آخر إلى أن معنى هذه الكلمة هو سهولة الحياة في الدنيا وعدم مواجهة الإنسان صعوبات ومشاكل مهمة في امور المعيشة ، ويرى البعض الآخر آنها تعني تيسير طريق الجنّة والثواب الإلهي العظيم يوم القيامة ، والبعض الآخر فسّرها بالامدادات الإلهية الغيبية للإنسان وأمثال ذلك ولكن كما تقدّمت الإشارة إليه فإنّ مفهوم «العسر» وكذلك «اليسر» مفهوم واسع يستوعب جميع هذه الامور المتعلقة بحياة الإنسان الدنيوية والاخروية.
وفي «الآية السابعة» نجد خطاباً إلهياً لأصحاب النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله من موقع الذم والتقريع حيث تقول الآية (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ)(١).
ومن أجل أن لا يتصور بعض الجهّال أنّ الله تعالى يحتاج لمثل هذه الأموال والانفاق تقول الآية في سياقها أيضاً (وَاللهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ)(٢) وعلى هذا الأساس فإنّ ما ينفقه
__________________
١ ـ سورة محمّد ، الآية ٣٨.
٢ ـ نفس المصدر.