المنافقين وأخيراً تم طرده من المجتمع الإسلامي.
«الآية الرابعة» تبين في سياقها العقوبة الإلهية الشديدة للبخلاء ، وما ورد في هذه الآية من المجازات والكنايات بالنسبة إلى البخل لم ترد في سائر آيات القرآن الكريم حيث تقول الآية (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ ...)(١).
ثمّ تضيف الآية (سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ)(٢). فتكون الأموال الّتي جمعوها على شكل سلسلة ثقيلة تكبلهم وتمنعهم من أي حركة في عرصات المحشر ، وفي ختام الآية يقول تعالى (وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)(٣).
هذه الآية تشير إلى أنّ المحافظة على المال والسعي لاكتنازه والبخل به لا ينفع الإنسان شيئاً في حياته الدنيوية لأنّه سوف يضطر إلى ترك كلّ ما لديه ويرحل.
وبالرغم من أنّ بعض الروايات فسّرت الآية أعلاه بمسألة منع «الزكاة» ولكن حسب الظاهر فإن مفهوم الآية يستوعب في مضمونه جميع أشكال البخل وحتّى مضافاً إلى البخل بالأموال يشمل البخل بالعلم والمعرفة وأمثال ذلك كما ذكر بعض المفسّرين.
أمّا تصوير الحالة الّتي تجعل هذه الأموال على شكل حلقة وطوق حول رقبة البخيل يوم القيامة ، فينبغي القول طبقاً لما ورد في بعض الروايات أنّ تلك الأموال تأتي يوم القيامة على شكل طوق من نار كما ورد في تفسير العياشي عن الإمام الباقر عليهالسلام أنّه قال : «ما من عبد منع زكاة ماله إلّا جعل الله ذلك يوم القيامة ثعباناً من نار مطوقاً في عنقه ينهش من لحمه حتّى يفرغ من الحساب ، وهو قول الله : (سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ) قال : ما بخلوا به من الزكاة» (٤).
__________________
١ ـ سورة آل عمران ، الآية ١٨٠.
٢ ـ المصدر السابق.
٣ ـ سورة آل عمران ، الآية ١٨٠.
٤ ـ تفسير البرهان ، ج ١ ، ص ٣٢٧ ، تفسير العياشي ، ج ١ ، ص ٢٠٧.