هذه بعض الروايات التي وردت في سبب نزول هذه الآية ، وهناك روايات أخرى ، قريبة في معناها بما ذكرناها.
وقوله : «يلمزون» من اللمز ، يقال : لمز فلان فلانا إذا عابه وتنقصه.
والمراد بالمطوعين : أغنياء المؤمنين الذين قدموا أموالهم عن طواعية واختيار ، من أجل إعلاء كلمة الله.
والمراد بالصدقات : صدقات التطوع التي يقدمها المسلم زيادة على الفريضة.
والمراد بالذين لا يجدون إلا جهدهم : فقراء المسلمين. الذين كانوا يقدمون أقصى ما يستطيعونه من مال مع قلته ، إذ الجهد : الطاقة ، وهي أقصى ما يستطيعه الإنسان.
والمعنى : إن من الصفات القبيحة ـ أيضا ـ للمنافقين ، أنهم كانوا يعيبون على المؤمنين ، إذا ما بذلوا أموالهم لله ورسوله عن طواعية نفس ، ورضا قلب ، وسماحة ضمير ....
وذلك لأن هؤلاء المنافقين ـ لخلو قلوبهم من الإيمان ـ كانوا لا يدركون الدوافع السامية ، والمقاصد العالية من وراء هذا البذل ..
ومن أجل هذا كانوا يقولون عن المكثر : إنه يبذل رياء ، وكانوا يقولون عن المقل : إن الله غنى عن صدقته ، فهم ـ لسوء نواياهم وبخل نفوسهم ، وخبث قلوبهم ـ لا يرضيهم أن يروا المؤمنين يتنافسون في إرضاء الله ورسوله.
وقوله : (وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ) معطوف على قوله : (الْمُطَّوِّعِينَ).
أى : أن هؤلاء المنافقين يلمزون الأغنياء المطوعين بالمال الكثير ، ويلمزون الفقراء الباذلين للمال القليل ؛ لأنه هو مبلغ جهدهم ، وآخر طاقتهم.
وقوله : (فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ) بيان لموقفهم الذميم من المؤمنين.
أى : إن هؤلاء المنافقين يستهزئون بالمؤمنين عند ما يلبون دعوة رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى الإنفاق في سبيل الله.
وجاء عطف (فَيَسْخَرُونَ) على (يَلْمِزُونَ) بالفاء ، للإشعار بأنهم قوم يسارعون إلى الاستهزاء بالمؤمنين ، بمجرد أن يصدر عن المؤمنين أى عمل من الأعمال الصالحة التي ترضى الله ورسوله.
وقوله : (سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) بيان لجزائهم وسوء عاقبتهم.
أى : إن هؤلاء الساخرين من المؤمنين جازاهم الله على سخريتهم في الدنيا ، بأن فضحهم وأخزاهم ، وجعلهم محل الاحتقار والازدراء ...