عمرو الغفاري فبعثه إلى مكة ، وأمره أن يأتى قريشا فيستنفرهم إلى أموالهم ، ويخبرهم أن محمدا قد عرض لها في أصحابه. فخرج ضمضم بن عمرو سريعا إلى مكة.
فلما وصلها أخذ يصرخ ببطن الوادي .. ويقول يا معشر قريش : اللطيمة اللطيمة ـ أى : العير التي تحمل الطيب والمسك والثياب .. ـ أموالكم مع أبى سفيان قد عرض لها محمد في أصحابه ، لا أرى أن تدركوها. الغوث الغوث.
فتجهز الناس سراعا وقالوا : أيظن محمد وأصحابه أن تكون كعير ابن الحضرمي؟ كلا والله ليعلمن غير ذلك فكانوا بين رجلين ، إما خارج وإما باعث مكانه رجلا ، وأوعبت قريش فلم يتخلف من أشرافها أحد.
ـ خرجوا بالقيان والدفوف يغنين في كل منهل ، وينحرون الجزر ، وهم تسعمائة وخمسون مقاتلا ، وقادوا مائة فرس ، عليها مائة درع سوى درع المشاة ، وكانت إبلهم سبعمائة بعير.
قال ابن إسحاق : وخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم في ليال مضت من شهر رمضان في أصحابه : واستعمل ابن أم مكتوم على الصلاة بالناس ، واستعمل على المدينة أبا لبابة .. ودفع اللواء إلى مصعب بن عمير.
وكان إبل المسلمين يومئذ سبعين بعيرا ، فاعتقبوها ـ أى كانوا يركبونها بالتعاقب ـ وكانت راية الأنصار مع سعد بن معاذ.
وسلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم طريقه من المدينة إلى مكة على نقب المدينة ، ثم على العقيق ، ثم على ذي الحليفة .. ثم نزل قريبا من بدر .. وأتى إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم الخبر عن قريش بمسيرهم ليمنعوا عيرهم ، فاستشار الناس وأخبرهم عن قريش فقام أبو بكر فقال وأحسن. ثم قام عمر بن الخطاب فقال وأحسن. ثم قام المقداد بن عمرو فقال : يا رسول الله ، امض لما أراك الله فنحن معك والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى : (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ) ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون.
ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم أشيروا على أيها الناس ، وإنما يريد الأنصار ، وذلك لأنهم عدد الناس ، وأنهم حين بايعوه بالعقبة قالوا : يا رسول الله : إنا برآء من ذمامك حتى تصل إلى ديارنا ، فإذا وصلت إلى ديارنا فأنت في ذمتنا نمنعك مما نمنع منه أبناءنا ونساءنا.
فلما قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذلك ، قال له سعد بن معاذ : والله لكأنك تريدنا يا رسول الله ؛ لقد آمنا بك وصدقناك ، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق ، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا ، فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك فو الذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد ، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا ، وإنا