موسى الكتاب تتمة
للكرامة على العبد الذي أحسن الطاعة في التبليغ وفي كل أمر وهو موسى ـ عليهالسلام ـ و «تماما» مفعول لأجله أى : آتيناه لأجل تمام نعمتنا ،
أو حال من الكتاب ، أى : حال كونه أى الكتاب تاما. أو مصدر لقوله «آتينا» من معناه
، لأن إيتاء الكتاب إتمام للنعمة. كأنه قيل : أتممنا النعمة إتماما. فهو «كنباتا»
في قوله : (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ
مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً) أى إنباتا.
وقرأ يحيى بن يعمر
«على الذي أحسن» بضم النون على أنه خبر لمبتدأ محذوف ، و «الذي» وصف للدين أى :
تماما على الدين الذي هو أحسن دين وأرضاه.
قال ابن جرير :
وهذه قراءة لا أستجيز القراءة بها وإن كان لها في العربية وجه صحيح ، لخلافها ما
عليه الحجة مجمعة من قراء الأمصار» .
وقوله : (وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ) معطوف على ما قبله ، أى : وبيانا مفصلا لكل ما يحتاج إليه
قومه في أمور دينهم ودنياهم.
وقوله : (وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ
بِلِقاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ) أى : هذا الكتاب هداية لهم إلى طريق الحق ، ورحمة لمن عمل
به لعلهم ـ أى قوم موسى وسائر أهل الكتاب ـ يصدقون بيوم الجزاء ، ويقدمون العمل
الصالح الذي ينفعهم في هذا اليوم الشديد.
ثم بين ـ سبحانه ـ
منزلة القرآن فقال : (وَهذا كِتابٌ
أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ) أى : وهذا القرآن الذي قرأ عليكم أوامره ونواهيه رسولنا صلىاللهعليهوسلم كتاب عظيم الشأن أنزلناه بواسطة الروح الأمين ، وهو جامع
لكل أسباب الهداية الدائمة ، والسعادة الثابتة.
(فَاتَّبِعُوهُ) أى : اعملوا بما فيه من الأوامر والنواهي والأحكام.
(وَاتَّقُوا) مخالفته واتباع غيره.
(لَعَلَّكُمْ
تُرْحَمُونَ) أى : لترحموا بواسطة اتباعه والعمل بما فيه.
ثم قطع ـ سبحانه ـ
عذر كل من يعرض عن هذا الكتاب فقال : (أَنْ تَقُولُوا
إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا وَإِنْ كُنَّا عَنْ
دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ).
أى : أنزلنا هذا
الكتاب لهدايتكم كراهة أن تقولوا يوم القيامة ، أو لئلا تقولوا لو لم ننزله : إنما
أنزل الكتاب الناطق بالحجة على جماعتين كائنتين من قبلنا وهما اليهود والنصارى ،
وإنا كنا عن تلاوة كتابهم لغافلين لا علم لنا بشيء منها لأنها ليست بلغتنا.
__________________