وقوله : (آياتٍ) حال من العقوبات الخمس المتقدمة.
وقوله : (مُفَصَّلاتٍ) أى : مبينات واضحات لا يشك عاقل في كونها آيات إلهية لا مدخل فيها للسحر كما يزعمون.
وقيل (مُفَصَّلاتٍ) أى : مميزا بعضها عن بعض ، منفصلة بالزمان لامتحان أحوالهم. وكان بين كل اثنين منها شهر ، وكان امتداد كل واحدة منها شهرا ، كما أخرج ذلك ابن المنذر عن ابن عباس (١) :
ثم وضحت الآية في نهايتها موقفهم من هذا الابتلاء وتلك العقوبات فقالت :
(فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ) أى فاستكبروا عن الإيمان بموسى ـ عليهالسلام ـ وعما جاء به من معجزات ، وكانوا قوما طبيعتهم الاجرام ودينهم الكفر والفسوق.
ثم بين ـ سبحانه ـ حالهم عند نزول العقاب بهم فقال : (وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قالُوا يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ ، وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ).
أى وحين وقع على فرعون ومثله العذاب المذكور في الآية السابقة ، والمتمثل في الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم ، حين وقع عليهم ذلك أخذوا يقولون لموسى بتذلل واستعطاف عقب كل عقوبة من تلك العقوبات : يا موسى ادع لنا ربك واسأله بحق ما عهد عندك من أمر إرسالك إلينا لإنقاذنا من الهلاك أن يكشف عنا هذا العذاب ، ونحن نقسم لك بأنك إن كشفته عنا لنؤمنن لك ولنرسلن معك بنى إسرائيل.
قال صاحب الكشاف : (بِما عَهِدَ عِنْدَكَ) ما مصدرية ، والمعنى بعهده عندك وهو النبوة. والباء إما أن تتعلق بقوله : (ادْعُ لَنا رَبَّكَ) على وجهين :
أحدهما : أسفنا إلى ما نطلب إليك من الدعاء لنا بحق ما عندك من عهد الله وكرامته بالنبوة. أو ادع الله لنا متوسلا إليه بعهده عندك.
وإما أن يكون قسما مجابا بلنؤمنن ، أى أقسمنا بعهد الله عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك» (٢).
ثم بين ـ سبحانه ـ موقفهم الجحودى فقال : (فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ) أى : فلما كشفنا عنهم العذاب مرة بعد مرة إلى الوقت الذي أجل لهم وهو
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ٩ ص ٣٥.
(٢) تفسير الكشاف ج ٢ ص ١٤٨.