وقوله (أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ) أى : أولئك الموصوفون بتلك الصفات المذكورة كالأنعام السارحة التي لا تنتفع بشيء من هذه الجوارح التي جعلها الله سببا للهداية.
وقوله (بَلْ هُمْ أَضَلُ) تنقيص لهم عن رتبة الأنعام ، أى : بل هم أسوأ حالا من الأنعام ، إذ أن الأنعام ليس لها سوى الاستعدادات الفطرية التي تهديها أما الإنسان فقد زود إلى جانب الفطرة بالقلب الواعي ، والعقل المدرك ، والعين المبصرة ، وزود بالقدرة على اتباع الهدى أو اتباع الضلال ، فإذا لم يفتح بصره وقلبه وسمعه على الحق فإنه يكون أضل من الأنعام الموكولة إلى استعداداتها الفطرية.
وقوله (أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ) أى أولئك المنعوتون بما ذكرهم الكاملون في الغفلة عما فيه صلاحهم وخيرهم وسعادتهم ، بسبب استحواذ الهوى والشيطان عليهم ولا يظلم ربك أحدا.
وبعد أن بين ـ سبحانه ـ حال المخلوقين لجهنم بسبب غفلتهم وإهمالهم لعقولهم وحواسهم ، أعقبه ببيان العلاج الذي يشفى من ذلك ، وبالنهى عن اتباع المائلين عن الحق فقال ـ تعالى ـ :
(وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٨٠)
قال القرطبي : قوله ـ تعالى ـ (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها) أمر بإخلاص العبادة لله ـ تعالى ـ ومجانبة الملحدين والمشركين. قال مقاتل وغيره من المفسرين : نزلت الآية في رجل من المسلمين كان يقول في صلاته : يا رحمن يا رحيم. فقال رجل من مشركي مكة : أليس يزعم محمد وأصحابه أنهم يعبدون ربا واحدا فما بال هذا يدعو ربين اثنين؟ فنزلت» (١).
والأسماء : جمع اسم ، وهو اللفظ الدال على الذات فقط أو على الذات مع صفة من صفاتها سواء كان مشتقا كالرحمن ، والرحيم ، أو مصدرا كالرب والسلام.
والحسنى : تأنيث الأحسن أفعل تفضيل ، ومعنى ذلك أنها أحسن الأسماء وأجلها ، لإنبائها عن أحسن المعاني وأشرفها.
والمعنى : ولله ـ تعالى ـ وحده جميع الأسماء الدالة على أحسن المعاني وأكمل الصفات فادعوه أى سموه واذكروه ونادوه بها.
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ٧ ص ٣٢٥.