الواقع والوصول إليه ، فإذا لم يدرك العامل بها الواقع ولو عن قصور يكون الواقع باقياً بحاله ، وهذا مجرى قاعدة الاشتغال القاضية بأنّ الاشتغال اليقينيّ يستدعي الفراغ اليقيني ، وفي المقام لا بدّ من الاتيان مجدّداً لتحصيل براءة الذمّة وسقوط التكليف المتوجّه.
هذا وقيام الظاهر النّاقص مقام الواقع التّام المنكشف ، في تحقّق المأمور به ، يحتاج إلى دليل مثل جعل النّاقص مكان الكامل ، كما في مورد «لا تعاد الصلاة إلّا من خمس».
يلاحظ عليه : أنّ ما ذكروه صحيح بلا إشكال ، وأنّ قيام الظاهر الناقص مقام الواقع التّام يتوقف على الدليل ، وعندي أنّ الدّليل على الإجزاء موجود وذلك أنّ الأمر بالعمل بالامارة في مقام استكشاف كيفيّة العمل الّذي أمر به المولى ، يلازم عرفاً بأنّ المولى راض في الإتيان على طبق مؤدّى الامارة على حدّ كاشفيتها ، فإذا كان الكشف عن الواقع تسعين بالمائة والخطأ بمقدار عشرة بالمائة فقد رضي المولى بذلك ، ورفع اليد عن الموارد الخاطئة ، فقوله : خذ وظائفك وتكاليفك عن فلان ، بمعنى الاكتفاء في مقام الامتثال بما أدّى قوله والعفو عمّا تخلّف عنه.
ويكفي في ذلك ملاحظة ما ذكروه من الأدلّة على حجيّة الامارات ، كآية النبأ أو الأحاديث الآمرة بالعمل بخبر الواحد إذا كان ثقة (١) ، أو السيرة العقلائية في
__________________
(١) قال الشيخ الأعظم (قدّه) في فرائده [١ / ٤٤١] : «وقد ادّعى في الوسائل تواتر الأخبار بالعمل بخبر الثقة ، إلّا أنّ القدر المتيقن منها هو خبر الثقة الّذي يضعف فيه احتمال الكذب على وجه لا يعتني به العقلاء ويقبّحون التوقّف فيه لأجل ذلك الاحتمال».