العمل بأخبار الثقات إلى غير ذلك ممّا استدلّ به القوم على حجيّة قول العدل أو الثقة.
فإنّك إذا قارنت هذه الأدلّة التي تأمر بالعمل بقول الثقات إلى أدلّة الشرائط والأجزاء ، يتجلّى فهم الملازمة بين الأمر بالعمل بأخبار الثقات في تشخيص أجزاء المأمور به وشرائطه وسائر خصوصيّاته ، والاكتفاء بما أتى به المكلّف طابق الواقع أو لا.
وللتقريب نذكر مثالين :
الأوّل : لو أمر المولى عبده بأن يهيّئ له دواءً وأمره أن يسأل صيدليّاً عن نوعيّة أجزائه وكميتها وكيفيّة تركيبها ، فاتّبع العبد إرشادات الصيدليّ الّذي جعل قوله حجّة في المقام ، وصنع الدواء ، ثمّ ظهر أنّ الصيدليّ كان قد أخطأ في بعض إرشاداته في مورد أو موردين ، فإنّ العرف يعدّون العبد طائعاً وممتثلاً لأمر مولاه ، ويرون عمله مسقطاً للتكليف من دون ايجابه بالقيام للامتثال مجدّداً اللهم إلّا أن يأمر به المولى ثانياً.
الثاني : إذا أمر المولى عبده ببناء بيت ، وأمره أن يرجع في كلّ ما يتعلّق بالبناء إلى مهندس مختص ومعمار ماهر خبير ، فاتبع العبد أوامرهما ، وبنى البيت ، لكن تبيّن خطأ المهندس أو المعمار ، فإنّ العبد معذور والعمل مجز ، اللهم إلّا أن يأمره بالإعادة ثانياً.
وهذه الارتكازات تدلّ على الملازمة بين الأمر بالرّجوع إلى الثقة والخبير ، والاكتفاء في امتثال الأمر بما أتاه من خلال إرشاداتهما وهدايتهما ، وهذا يعطي أنّ الشارع اكتفى في دائرة المولويّة والعبوديّة فيما يرجع إلى مقاصده ومراميه بما يؤدّيه