الثانية : ما روي عن كتاب أحمد بن محمّد بن أبي نصر عن الرّضا (عليهالسلام) قال : «علينا إلقاء الأُصول وعليكم التفريع» (١).
أقول : إنّ التفريع الّذي هو استخراج الفروع عن الأصول الكليّة الملقاة وتطبيقها على مواردها وصغرياتها ، إنّما هو شأن المجتهد وما هو إلا الاجتهاد ، نعم التفريع والاجتهاد يتفاوت صعوبة لتفاوت نطاقه حسب مرور الزّمن ، فإذا قال الإمام (عليهالسلام) : «لا تنقض اليقين بالشك» أو روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا ضرر ولا ضرار» كان على المخاطبين وعلى علماء الأعصار المستقبلة استفراغ الوسع في تشخيص صغرياتها ، وما يصلح أن يكون مصداقاً له وما لا يصلح ، وهذا ما نسمّيه بالاجتهاد.
الثالثة : ما رواه الصّدوق (رضي الله عنه) في «معاني الأخبار» عن داود بن فرقد قال : سمعت أبا عبد الله (عليهالسلام) يقول : «أنتم أفقه النّاس إذا عرفتم معاني كلامنا ، إنّ الكلمة لتنصرف على وجوه ، فلو شاء إنسان لصرف كلامه كيف شاء ولا يكذب» (٢).
أقول : إنّ عرفان معاني الكلام ليس إلّا تشخيص ما هو الأظهر بين المحتملات بالفحص عن القرائن الحافّة بالكلام ، وبعرض أخبارهم (عليهمالسلام) على الكتاب والسنّة إلى غير ذلك ممّا يوضّح به المراد ويعيّن المفاد ، وليس هذا إلّا الاجتهاد.
الرابعة : ما رواه الصّدوق (رضي الله عنه) في عيونه بإسناده عن الرضا (عليهالسلام) قال : «من ردّ متشابه القرآن إلى محكمه فقد هدي إلى صراط مستقيم ، ثمّ قال (عليهالسلام) : إنّ في أخبارنا محكماً كمحكم القرآن ومتشابهاً كمتشابه القرآن ، فردّوا متشابهها إلى
__________________
(١) الوسائل : ١٨ / ٤١ ح ٥٢ ، كتاب القضاء ، الباب ٦ من أبواب صفات القاضي.
(٢) نفس المصدر : ٨٤ ح ٢٧ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي.