وهنا ذكر الميرزا «قده» ، أنّ الأمر بالضدين إنّما يلزم منهما المحذور في حالتين :
أ ـ الحالة الأولى : هي أن يكون الأمر متعلقا بعنوان الجمع بحيث يكون الجمع ، بينهما مطلوبا بعنوانه.
ب ـ الحالة الثانية : هي أن يكون كلا من الأمرين ، أو أحدهما ، مقيّدا بفرض امتثال الآخر ، أو أن كلا منهما مطلق من حيث امتثال الآخر ، أو عدم امتثاله ، إذ هنا أيضا يؤدّي الطلبان إلى طلب وقاع الجمع ، وإن لم يكن عنوان الجمع تحت الطلب ، لكن واقع الجمع ، أي : إنّ هذا وذاك يكون تحت الطلب فيكون مستحيلا ، لأنه من طلب الجمع بين الأمرين بالضدين.
وأمّا لو فرض وجود طلبين أحدهما مشروط بترك امتثال الآخر ، ففي مثل ذلك لا يتصوّر كون مثل هذا الطلب من طلب الجمع بين الضدين.
وذلك ببرهان أنه لو تعلّق أحد الأمرين بالإزالة ، وتعلّق الأمر الآخر بالصلاة مشروطا بترك الإزالة ، فإنّه حينئذ لو فرض محالا جمع المكلف بين هذين الضدين في وقت واحد ، بحيث يكون مرجعهما إلى طلب الجمع بينهما ، للزم من ذلك إمّا اجتماع النقيضين ، وإمّا وجود المعلول بلا علّة ، لأن مطلوبيّة الصلاة مع فرض وجود الإزالة ، إنّ كان مع فرض حفظ موضوعها ، وهو ترك الإزالة أيضا ، فيلزم اجتماع النقيضين ، وإن كان من دون فرض حفظ موضوعها ، فيلزم وجود الحكم من دون موضوعه ، وهو على حدّ وجود المعلول بلا علة.
إذن على فرض وقوع الفعلين ، واجتماعهما خارجا ، يستحيل أن يتّصفا بالمطلوبيّة والوجوب ، بل الأمر بالأهم هو الذي يتصف بالوجوب ، ويكون المهم غير واجب لعدم تحقق شرطه ، وهو ترك الأهم ، وإذا استحال طلب جمعهما معا ، فهذا معناه ، أن الأمرين الترتبيّين ليس مرجعهما إلى طلب الجمع ، وإنّما إلى الجمع في الطلب.