اقتضاءين كان أحدهما مترتبا على عدم تأثير الآخر ، يستحيل أن يكون بينهما مزاحمة وممانعة.
وهذه هي نكتة إمكان الترتب ، كما سيأتي توضيحه ، إن شاء الله تعالى.
وهذه النكتة لا يتوقف بيانها على كل هذه الكلمات والمطالب المعقّدة في نفسها ، فضلا عن كون تصورها أصعب بكثير من التصديق بإمكان الترتب ، إذ إمكان الترتب يكاد يكون مسلّما عند الناس ، دون تجشّم هذه المقدمة التي ليس لها دخل في إمكان الترتب أصلا ، لأن نكتته في كون اقتضاء الأمر بالمهم مترتبا على عدم تأثير اقتضاء الأمر بالأهم ، مهما كان سنخ حفظهما ونوعه.
٥ ـ المقدمة الخامسة : من مقدمات إمكان الترتب في كلام المحقق النائيني «قده» هي : ما مهّد به الميرزا «قده» لدفع بعض إشكالات المنكرين للترتب ، كما سنعرض لها بعد بيان دليل إمكان الترتب وفذلكته ، كما أراد بها اقتناص إمكان الترتب من مقدمات أربع مهد بها لذلك ، لا سيّما خصوص المقدمة الثانية والرابعة ، حيث أنه في المقدمة الثانية ، أثبت عدم مطاردة المهم للأهم من خلال إثبات أن الواجب المشروط لا يخرج عن كونه مشروطا بتحقق شرطه ، وفي المقدمة الرابعة أثبت أن الأمر بالأهم هو أيضا لا يطارد الأمر بالمهم.
ولكنّ المحقق النائيني «قده» ذكر هنا نكتة جديدة لتعزيز برهان إمكان الترتب ، مضافا إلى ما ذكره في تلك المقدمات.
وحاصل هذه النكتة الجديدة هو أن يقال : إنّنا لا نتعقل وجها لامتناع الأمر بالضدين إلّا كون الأمر بينهما يؤدّي إلى طلب الجمع بينهما ، فلو أمكننا أن نثبت أن الأمر بالضدين على نحو الترتب ، لا يؤدّي إلى طلب الجمع بينهما ترتبيا ، وإن أدّى إلى الجمع في الطلب ، حينئذ لا يبقى محذور بالأمر بهما على نحو الترتب.