فإذا كان حفظه في مرتبة متأخرة عن التقييد ، فحفظه هنا في المقام في مرتبة متأخرة عن الإطلاق أيضا ، وبهذا يثبت أن نسبة الحكم والخطاب إلى التقييد والإطلاق أي : إلى التقادير التي حفظ في ضمنها في الحفظ الأول والثاني ، نسبة المعلول إلى العلة.
وهذا على خلاف الحفظ الثالث ، إذ إنّ نسبة خطاب «أكرم» إلى فرض وقوع الإكرام ولا وقوعه ، نسبة العلة إلى المعلول ، ذلك أن الخطاب هنا في النحو الثالث يتعرض بنفسه إلى إقامة بناء وهدم بناء ، إذ يكون وقوع الإكرام الذي هو التقدير هنا ، يكون في طول الخطاب ، لا إنّ الخطاب في طوله ، كما في الحفظين السابقين ، إذا فيهما كان الخطاب في طول العدالة التي هي التقدير ، بينما هنا في النحو الثالث ، فإن التقدير الذي هو وقوع الإكرام في طول الخطاب ، وكذلك يكون في طول الخطاب «ترك الإكرام» لأن ترك الإكرام بديل الإكرام.
والخلاصة : إنّ الخطاب ، بالنسبة إلى تقديرات الحفظ الأول والثاني ، يكون بمثابة المعلول ، وبالنسبة إلى تقديرات الحفظ الثالث ، يكون بمثابة العلة.
ب ـ الفارق الثاني : بين الحفظ الثالث والحفظين الأولين ، هو أنه : حيث أنّ نسبة الخطاب في الحفظين الأولين إلى التقادير التي تحفظه ، نسبة المعلول إلى تلك التقادير ، فمعنى هذا أنّ الخطاب لا يتعرض لهذه التقادير ، لا هدما ولا بناء ، ولا رفعا ، ولا وضعا ، ولا إيجادا ، ولا إعداما ، لأنه بمثابة المعلول لها ، والمعلول ليس له أن يتصدّى لإيجاد علته ، وإنّما هو تابع لعلته ، وخاضع لها.
وهذا بخلاف ، الخطاب المحفوظ في التقدير بالحفظ الثالث ، فإنّ هذا الخطاب هنا هو بنفسه يتعرض ويتصدّى لإيجاد التقدير الذي حفظ في ضمنه بالحفظ الثالث ، لأن هذا الخطاب بمثابة العلة لهذا التقدير ، وشأن العلة هو