بذاته يتعرض لمسألة وقوع الإكرام ولا وقوعه ، فيبني أحدهما ويهدم الآخر ، بينما هذا الخطاب نفسه «أكرم» لا يتعرض بذاته إلى مسألة عدالة العالم وفسقه ، ومسألة وصول الحكم أو عدم وصوله ، ومن هنا كان بحاجة إلى تقييد وإطلاق ، وهذا بخلافه في مسألة وقوع الفعل وعدم وقوعه ، فإنّ الحكم بذاته يتعرض لبناء أحد هذين الفرعين وطرد الآخر ، وحينئذ لا يحتاج إلى حفظ من الخارج ، بل هو بذاته يحفظ نفسه في هذه الحالة.
إذن معنى الحفظ الذاتي هو : كون الحكم محفوظا بذاته في فرض الامتثال والعصيان ، ، وهذا نحو ثالث من الحفظ يختص به خصوص هذا القسم من الانقسامات الأولية.
هذا تمام ما أفاده «الميرزا» في النقطة الأولى من هذه المقدمة.
٢ ـ النقطة الثانية : لبيان (١) النقطة الرابعة في إمكان الترتب وعدم المنافرة بين الأهم والمهم هي : أنّه تبيّن بالتدقيق في الأنحاء الثلاثة لحفظ الحكم وثبوته ، أن النحوين الأول والثاني يفترقان عن النحو الثالث بفارقين :
أ ـ الفارق الأول : هو أن الحفظ في النحو الأول والثاني نسبته إلى التقادير التي يحفظ في ضمنها الخطاب ، نسبة المعلول إلى العلة ، إذ هذا الحفظ مبني على وجود تلك التقادير ، ومجهول على أساس المفروغية عنها واقعا في مرتبة متأخرة عنها ، فمثلا حفظ خطاب «أكرم» في فرض العدالة ، هو حفظ للمعلول في فرض علته ، سواء أكان هذا الحفظ بالتقييد أو بالإطلاق ، فحفظه بالتقييد كما إذا قال المولى : «أكرم العالم» إذا كان عادلا ، فيكون قد حفظ هذا الخطاب بالتقييد بالعدالة ، فيكون الخطاب في طول العدالة ، ومعلولا لها ، فتكون نسبته إلى التقييد نسبة المعلول إلى العلة ، وأمّا انحفاظ الحكم وثبوته بالإطلاق ، كما لو قال المولى : «أكرم العالم» سواء أكان عادلا ، أو لم يكن عادلا ، فالأمر كذلك ، لأن الإطلاق بديل التقييد فهو في مرتبته ،
__________________
(١) فوائد الأصول ـ الكاظمي ١ / ٢٠٨