الجعل الأول والخطاب الأول ، وهو الذي يسمّيه الميرزا «قده» (١) بالإطلاق والتقييد اللحاظي ، فوجوب إكرام العالم في خطاب «أكرم العالم» ، شامل للحالات المختلفة للعالم من حيث كونه عادلا ، إمّا بالتقييد اللحاظي ، أي :
بأخذ العدالة قيدا فيكون مفاده ، «أكرم العالم» إذا كان عادلا ، وإمّا بالإطلاق اللحاظي ، أي : بأخذ الخطاب مطلقا من هذه الناحية ، فيكون مفاد «أكرم العالم» وجوب إكرام العالم ، سواء أكان عادلا أو لم يكن.
وهذا النحو لثبوت الحكم يجري في كل الانقسامات الأوليّة لمتعلّق الخطاب ، إذ لمتعلق الخطاب انقسامات ثابتة في نفسها بقطع النظر عن تعلق الخطاب ، فالعالم بقطع النظر عن وجوب إكرامه ينقسم إلى «عالم عادل» ، و «عالم غير عادل» ، إلى «هاشمي وغير هاشمي» ، فهذه انقسامات أوّلية ثابتة للمتعلق ، أو الموضوع ، بقطع النظر عن عروض الحكم عليه.
وهناك انقسامات ثانوية تثبت للشيء بلحاظ عروض الحكم عليه ، من قبيل كونه معلوم الحكم ، أو مجهول الحكم.
وهذا النحو الأول هو شأن كل الانقسامات الأوليّة ، باستثناء انقسام وقسم واحد من هذه الانقسامات ، لا يعقل حفظ الحكم وثبوته فيه بالإطلاق والتقييد اللحاظي ، سوف يأتي إن شاء الله ، الكلام عليه.
ب ـ النحو الثاني : من ثبوت الحكم بالتقييد والإطلاق هو : ثبوته لا بالجعل الأول ، بل بالجعل الثاني بمتمّم الجعل ، وهو ما يسمّيه الميرزا «قده» بالإطلاق الذاتي ، أو الإطلاق الملاكي ، أو يسمّى بنتيجة الإطلاق (٢) وبنتيجة التقييد ، وكلّ هذه عبائر تستعمل لإفادة هذا النحو الثاني من ثبوت الحكم ، وذلك فيما إذا لم يك ممكنا ثبوت الحكم بالإطلاق والتقييد في الجعل الأول ، بل كان لا بدّ من جعل آخر لحفظه وثبوته ، ويسمّى ذلك بمتمم الجعل.
__________________
(١) فوائد الأصول : الكاظمي ج ١ ص ٢٠٧.
(٢) فوائد الأصول : الكاظمي ج ١ ص ٢٠٧.