النكتة المتقدمة في المصب الأول ، وهي عدم انتهائه إلى الأثر العملي من التنجيز والتعذير ، مضافا إلى أن الأثر العملي المترقب ، إنما هو الانتهاء إلى الوجوب الغيري ، والحال أنه قد فرضنا أن الوجوب الغيري لا ينتهي إلى الأثر العملي المطلوب.
بل حتى لو سلّم أن الوجوب الغيري له أثر عملي ، فمع ذلك لا يجري الأصل في الملازمة ، باعتبار أنّ ترتب الوجوب الغيري على الملازمة ، هو ترتب تكويني عقلي لا شرعي ، لأنّ الترتّب الشرعي ، هو عبارة عن ترتب الحكم المجعول على موضوعه المحدّد ، وأمّا ترتب نفس الجعل على ظروف المولى التي دعت إلى الجعل ، فهو ترتب عقلي ، لأنّه ليس بجعل آخر من قبل الشارع بما هو شارع.
وفي المقام ، الملازمة هي التي دعت المولى كي يجعل ، وليس المولى قد جعل الوجوب الغيري ، وكان موضوع جعله هو الملازمة ، كما قد جعل وجوب الحج على الاستطاعة.
وإن شئت قلت : إنّ عدم جريان الأصل في مصبّه الثاني ، وهو الملازمة بين الوجوبين أكثر وضوحا من الأول ، إذ مضافا إلى ما تقدّم من عدم انتهائه إلى أثره العملي من التنجيز والتعذير ، يقال : إن ترتب الوجوب الغيري للمقدمة على الملازمة ليس شرعيا ، لأنّ الملازمة بين الجعلين النفسي والغيري ليس شرعيا ، وإنما الشرعي هو ترتب المجعول على موضوعه ، لا ترتب الجعل على أسبابه وظروفه ، فهو ترتب عقلي ، وكذلك عدم جريانه في مورد المسألة الفقهية كما عرفت ، لأنه لا ينتهى إلى أثر عملي في مقام التنجيز والتعذير ، غير أن صاحب «الكفاية» «قده» أشار إلى عدة إشكالات أخرى تصدّى إلى دفع جملة منها (١) :
* الإشكال الأول : وهو يرد على إجراء الأصل بصيغته الاستصحابية في
__________________
(١) كفاية الأصول : مشكيني ج ١ ص ١٩٩.