الثاني : انّ من اتّخذ العقل أداة وحيدة للتفسير يجب عليه الاقتصار على تفسير الآيات الراجعة إلى العقائد والمعارف وشيئاً مما يرجع إلى الأخلاق والمسائل الاجتماعية ولا يتمكن من تفسير آيات الأحكام والقصص والمغازي وما أشببهما.
الثالث : قد وقفت على كتاب أسماه مؤلّفه السيد نور الدين الحسين العراقي ( المتوفّـى عام ١٣٤١ هـ ق ) « القرآن والعقل » وقد طبع في أجزاء ثلاثة ، فقد قام بتفسير القرآن بما يوحي إليه عقله الشخصي ويدركه بوجدانه ، وإنّما أسمى كتابه بهذا لأنّه لم يكن حين تأليف التفسير كتاب سوى تفسير الجلالين ، وقد ألّفه وهو في ساحات الحروب ينتقل من نقطة إلى أُخرى.
وعلى كلّ تقدير فليس ما ألّفه على غرار ما ذكرنا من التفسير بالعقل السليم ، وإليك نماذج من بعض تفسيراته :
١. قال في تفسير قوله سبحانه جواباً لطلب موسى الرؤية : قال : ( وَلَـٰكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ). (١)
١. قال : وقد يقال : انّ كلمة الشرط « فإن استقر » تدلّ على سببية الشرط للجزاء ، وأي سببية بين بقاء جبل ورؤية موسى عليهالسلام مع كون الجبل من الجمادات ، وموسى عليهالسلام إنساناً كاملاً ؟!
فأجاب بقوله : لو كان المراد بالرؤية الرؤية ، البصرية الجسمية ، فالربط بين الشرط والجزاء يكون حاصلاً ، فانّ الجسم الصلب العظيم غير الشاعر بالتجلّي ، إذا لم يبق وصار مندكاً ، فالعين الباصرة التي هي مركبة من العناصر وفي منتهى اللطافة تتلاشى بمشاهدة التجلّـي مع كونها ذي حس بالأولوية القطعية. (٢)
______________________
١. الأعراف : ١٤٣. |
٢. القرآن والعقل : ٢ / ٨٣. |