بأنّ العدل كمال لكلّ موجود حي مدرك مختار ، وانّه يجب أن يوصف الله تعالى به في أفعاله في الدنيا والآخرة ، ويجب أن يقوم سفراؤه به.
وبعبارة أُخرى : الله سبحانه عادل ، لأنّ الظلم قبيح ، ولا يصدر القبيح من الحكيم ، فلا يصدر الظلم من الله سبحانه.
هذا نموذج ثان لتفسير الآيات بالعقل العملي الصريح ، وعليك الإمعان في الآيات التي ترجع إلى العقائد ، كي تستخرج منها ما يرجع إلى العقل النظري وما يرجع إلى العقل العملي وتفسيرها بأحدهما في نهاية الأمر.
بقيت هنا أُمور :
الأوّل : انّه سبحانه يصف نفسه في سورة الحشر بصفات لا يمكن تفسيرها إلّا في ضوء العقل الصريح ، فمن رفض العقل في تفسير القرآن الكريم يعرقل خطاه في تفسير هذا القسم من الآيات.
يقول سبحانه : ( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَـٰنُ الرَّحِيمُ ). (١)
( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ). (٢)
( هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ). (٣)
وفي هذا القسم من التفسير لا يهتم المفسر في إخضاع الآيات لمنهج عقلي كلامي خاص ، وإنّما هو من قبيل الاستضاءة بهذه الأُصول الثابتة عند العقل في تحصيل الآيات.
______________________
١ ، ٢ ، ٣. الحشر : ٢٢ ـ ٢٤.