وفي الختام نذكر ما رواه الفضيل بن يسار ، عن أبي عبد الله عليهالسلام حيث سأله عن اختلاف القراءات ؟ وقال : إنّ الناس يقولون : إنّ القرآن نزل على سبعة أحرف.
فقال أبو عبد الله عليهالسلام : « كذبوا ـ أعداء الله ـ ولكنّه نزل علىٰ حرف واحد من عند الواحد ». (١)
وروى عن زرارة بسند صحيح عن أبي جعفر عليهالسلام أنّه قال : « إنّ القرآن واحد نزل من عند واحد ، ولكنّ الاختلاف يجيء من قبل الرواة ». (٢)
وما ذكره الإمام عليهالسلام من أنّ الاختلاف جاء من قِبَلِ الرواة ، يعلم من دراسة أسباب نشوء اختلاف القراءات عبر السنين ، وهذا ما نذكره تالياً.
عمد جماعة من كبار الصحابة بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى جمع القرآن في مصاحفهم الخاصة ، كعبد الله بن مسعود ، وأُبيّ بن كعب ، ومعاذ بن جبل ، والمقداد بن أسود وأضرابهم ، وهؤلاء قد اختلفوا في ثبت النص أو في كيفية قراءته ، ومن ثمّ اختلفت مصاحف الصحابة الأُولى ، وكان كلّ قطر من أقطار البلاد الإسلامية يقرأ حسب المصحف الذي جمعه الصحابي النازل عندهم.
كان أهل الكوفة يقرأون على قراءة ابن مسعود ، وأهل البصرة على قراءة أبي
______________________
١ و ٢. الكافي : ٢ ، كتاب نقل القرآن ، باب النوادر ، الحديث ١٣ و ١٢.
٣. صدرنا في هذا البحث عن كتاب « التمهيد في علوم القرآن » تأليف العلّامة المحقّق محمد هادي معرفة ، وقد أغرق نزعاً في التحقيق ، فلم يبق في القوس منزعاً ( حيّاه الله وبيّاه ).