الثاني يوجب خروج فعله عن كونه عبثاً ولغواً وكونه سبحانه عابثاً ولاغياً ، فالجمع بين كونه غنياً غير محتاج إليه وكونه حكيماً منزّهاً عن العبث واللغو يحصل باشتمال أفعاله على مصالح وحكم ترجع إلى العباد والنظام لا إلى وجوده وذاته.
نعم ربما يمكن أن يقال : انّ هذا النوع من التفسير يرجع إلى تفسير الآية في ضوء المدارس الكلامية مع أنّ البحث في غيره.
والجواب : انّ المقصود من المدارس الكلامية هو الأحكام العقلية غير الواضحة على أكثر العقول ، وأمّا الظاهر عليه فهو تفسير بالعقل الصريح ، والتحسين والتقبيح من هذا النوع من الإدراكات العقلية وان استخدمته العدلية في مدارسهم الكلامية.
ب. الله عادل لا يجور
إنّه سبحانه يصف نفسه بكونه قائماً بالقسط ، يقول : ( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ). (١)
وكما شهد على ذاته بالقيام بالقسط ، عرف الغاية من بعثة الأنبياء بإقامة القسط بين الناس.
قال سبحانه : ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ). (٢)
كما صرح بأنّ القسط هو الركن الأساس في محاسبة العباد يوم القيامة ، إذ يقول سبحانه : ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ). (٣)
وما في هذه الآيات وغيرها إرشادات إلى ما يدركه العقل من صميم ذاته ،
______________________
١. آل عمران : ١٨. |
٢. الحديد : ٢٥. |
٣. الأنبياء : ٤٧. |