تنزيهه سبحانه عن العبث
إذا قلنا بالتحسين والتقبيح العقليين وانّ العقل يدرك لزوم ما يحسنه العقل والاجتناب على ما يقبحه يفسر بذلك لفيف من الآيات :
أ. انّه سبحانه يصف فعله بالنزاهة عن العبث واللغو ، ويقول :
( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ). (١)
( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ). (٢)
( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَٰلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ). (٣)
( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ). (٤)
وعلى ضوء ذلك فأفعاله سبحانه لا تنفك عن الأغراض ، لكن الغرض غاية للفعل لا للفاعل ، وبذلك يعلم جواب السؤال التالي :
لو كان فعله تعالى نابعاً عن الغرض لكان ناقصاً بذاته ، مستكملاً بتحصيل ذلك الغرض ، لأنّه لا يصلح غرضاً للفاعل إلّا ما هو أصلح له من عدمه وهو معنى الاكتمال.
والجواب : انّ السائل خلط بين الغرض الراجع إلى الفاعل والغرض الراجع إلى فعله ، فالاستكمال موجود في الأوّل دون الثاني ، والقائل بأنّ أفعاله سبحانه ليست منفكّة عن الغايات والدواعي إنّما يعني بها الثاني ، أي كونه غرضاً للفعل دون الأوّل ، فانّ الغرض بالمعنى الأوّل ينافي كونه غنياً بالذات ، والغرض بالمعنى
______________________
١. المؤمنون : ١١٥. |
٢. الدخان : ٣٨. |
٣. ص : ٢٧. |
٤. الذاريات : ٥٦. |