عنها فيقال انّه منها بائن ». (١)
إلى هنا تبيّن كيفية تفسير الآية بالعقل الصريح ، وقد أتينا بنماذج أربعة من هذه المقولة ، أعني :
أ. واحد لا ثاني له.
ب. ليس للعالم مدبّر سواء.
ج. انّه سبحانه فوق الرؤية.
د. انّه سبحانه هو الأوّل والآخر والظاهر والباطن.
كلّ ذلك من قبيل تفسير الآية بالعقل الصريح النظري في مقابل التفسير بالعقل الصريح العملي الذي سنوضحه تالياً.
القرآن والعقل العملي
قسّم الحكماء العقل إلى عقل نظري وعقل عملي ، والمراد هو تقسيم المدرك إلى هذين القسمين ، وإلّا فالعقل المدرِك واحد بجوهره ووجوده ، فما يدركه لو كان من قبيل ما يجب أن يُعلم ويُدرك فهو عقل نظري كما عرفت من الأمثلة السابقة حيث أدركنا انّ الله سبحانه واحد لا نظير له ، وانّه مدبّر لا مدبّر سواه ، وانّه فوق أن يُرى وانّه الأوّل والآخر والظاهر والباطن.
وأمّا ما يدركه العقل ممّا يجب أن يعمل ويطبق على الحياة فيعبر عنه بالعقل العملي أي المدرَك الذي يجب أن يعمل به في نظر العقل وهذا ما يعبر عنه بالتحسين والتقبيح العقليّين الذي له فروع وشؤون في نظر العقل.
فهناك من يفسر القرآن الكريم بالعقل الصريح العملي ، وإليك نموذجين من هذه المقولة.
______________________
١. نهج البلاغة : الخطبة : ٦٥ ، ولاحظ الخطبة ١٧٩.