إلا بعد فعل يقع من العباد قبلها كالولد بعد الوطء والنبات بعد الزرع والسقي.
وليس المجتهد في كل وقت مرزوقا وذلك لأن العطاء والمنع والزيادة في الرزق والنقص منوط كله بالمصالح المعلومة عند الله تعالى.
وإنما يحسن من العاقل أن يسأل الله تعالى في الرزق بشرط أن لا يكون له مفسدا قال الله تعالى :
(وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ) الزخرف : ٣٣.
وكل شيء رزقه الله تعالى للعبد فقد أباحه التصرف فيه قال الله تعالى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ) البقرة : ٢٥٤.
وقال (كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ) البقرة : ٢٦٧.
وقال (قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ) ابراهيم : ٣١.
وما رزقه الله وأباح التصرف فيه فإنه لا يعاتب عليه.
فأما المغتصبات فليست بأرزاق لغاصبيها ولا ملكهم الله تعالى إياها وإنما تسمى أرزاقا على المجاز من حيث إنها من الأشياء التي خلقها الله تعالى ليغتذى بها.
والدليل على أن الله تعالى لم يرزقهم ما اغتصبوه إخباره بأنهم ظالمون فيه وأنه يعاقبهم عليه قال الله تعالى :
(الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً). النساء : ١٠.
وأمره سبحانه بقطع يد السارق في قوله تعالى :
(وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالاً مِنَ اللهِ) المائدة : ٣٨.
ولو كان الغاصب قد أخذ ما رزقه الله تعالى على الحقيقة لكان المطالب له