ومن المعمرين عبيد بن شريد الجرهمي. (١)
عاش ثلاثمائة سنة ولحق أيضا أيام معاوية بن أبي سفيان.
فروي أنه قدم عليه يوما إلى الشام فقال معاوية أخبرني من أعجب ما رأيت قال نعم انتهيت إلى قوم يدفنون ميتا لهم فلما فرغوا منه اغرورقت عيناي وتمثلت بهذه الأبيات :
يا قلب إنك في أسماء مغرور |
|
فاذكر وهل ينفعنك اليوم تذكير |
قد بحت بالحب ما تخفيه من أحد |
|
حتى جرت بك إطلاقا محاضير |
ما بت فاصبر فما تدري أعاجلها |
|
خير لنفسك أم ما فيه تأخير |
فاستقدر الله خيرا وارضين به |
|
فبينما العسر إذ دارت مياسير |
وبينما المرء في الأحياء مغتبط |
|
إذ صار في الرمس تعفوه الأعاصير |
حتى كأن لم يكن إلا تذكره |
|
والدهر أيتما حال دهارير |
يبكي الغريب عليه ليس يعرفه |
|
وذو قرابته في الحي مسرور |
وذاك آخر عهد من أخيك إذا |
|
ما الميت ضمنه اللحد الخناسير |
يعني بالخناسير الحفارين
__________________
(١) تجد قصة عبيد الجرهمي في اكمال الدين صلى الله عليه وسلم ٥١١ ـ ٥١٢ خالية من الأبيات المذكورة وهي قصة طويلة.