المختوم (١).
(إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (٢٩) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (٣٠) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (٣١) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هؤُلَاءِ لَضَالُّونَ (٣٢) وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ (٣٣) فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (٣٤) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (٣٥) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) (٣٦)
سبب النّزول
ذكر المفسرون سببين لنزول هذه الآيات : الأوّل : روى أنّ عليّاً عليهالسلام كرم الله تعالى وجهه وجمعاً من المؤمنين معه مروا بجمع من كفار مكة فضحكوا منهم واستخفوا بهم فنزلت الآية (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا) قبل أن يصل علي عليهالسلام كرم الله تعالى وجهه إلى النبي صلىاللهعليهوآله.
الثاني : إنّها حكاية لبعض قبائح مشركي قريش ؛ أبي جهل والوليد بن المغيرة ، والعاص بن وائل وأشياعهم ، كانوا يستهزئون بفقرائهم كعمار وصهيب وخباب وبلال وغيرهم من الفقراء (٢).
التّفسير
بالأمس كانوا يضحكون من المؤمنين ... أمّا : بعد أن تحدثت الآيات السابقة عن النعم التي تنتظر الأبرار والصالحين في الحياة الآخرة ، تبدأ الآيات أعلاه بتبيان جوانب ممّا يعانوه من مصائب ومشاكل في الحياة الدنيا بسبب إيمانهم وتقواهم ...
فالآيات تنقل لنا أساليب الكفار القذرة التي كانوا يتعاملون بها مع المؤمنين البررة ، وقد صنّفتها في أربعة أساليب :
الاسلوب الأوّل : (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَءَامَنُوا يَضْحَكُونَ).
فأصل الطغيان والتكبر والغرور والغفلة الذي زُرع في نفوسهم ، يدفعهم للضحك على المؤمنين والإستهزاء بهم والنظر إليهم بسخرية واحتقار.
والاسلوب الثاني : (وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ). فحينما يمرّ المشركون على مجموعة من
__________________
(١) تفسير مجمع البيان ١٠ / ٢٩٧.
(٢) روح المعاني ٣٠ / ٧٦.