الغرائز ، فالرشد في مسير الهداية الإيمانية والروحية ، ويساهم العقل ودعوة الأنبياء والأوصياء عليهمالسلام في تركيز معالم شخصية وبناء الإنسان روحياً وإيمانياً.
وتشير الآية التالية إلى الأمر الحتمي الذي به تطوى آخر صفحات مشوار الحياة الدنيا : (ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ).
وحكم دفن الأموات (بعد الغسل والتكفين والصلاة) ، يبيّن لنا ... أنّه ينبغي على الإنسان أن يكون طاهراً محترماً في موته ، فكيف به يا تُرى وهو حيّ؟!
وينتقل البيان القرآني إلى يوم القيامة : (ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنشَرَهُ).
«أنشره : من النشر ، بمعنى الإنبساط بعد الجمع ، فالكلمة تشير باسلوب بلاغي رائع إلى جمع كل حياة الإنسان عند الموت لتنشر في محيط أكبر وأعلى (يوم القيامة).
وتأتي الآية الأخيرة من الآيات المبحوثة لتبيّن لنا ما يؤول إليه الإنسان من ضياع في حال عدم اعتباره بكلّ ما أعطاه الله من المواهب ، فبالرغم من حتمية تسلسل حياة الإنسان من نطفة حقيرة ، مروراً بما يطويه من صفحات الزمن العابرة ، حتى يموت ويقبر ، لكنّه .. (كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ).
(فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (٢٤) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبّاً (٢٥) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقّاً (٢٦) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبّاً (٢٧) وَعِنَباً وَقَضْباً (٢٨) وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً (٢٩) وَحَدَائِقَ غُلْباً (٣٠) وَفَاكِهَةً وَأَبّاً (٣١) مَتَاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ) (٣٢)
فلينظر الإنسان إلى طعامه : تحدثت الآيات السابقة حول مسألة المعاد ، والآيات القادمة تتناول نفس الموضوع بشكل أوضح ، ويبدو أنّ الآيات المبحوثة ـ وانسياقاً مع ما قبلها وما بعدها ـ تتطرق لذات البحث وتبيّن مفردات قدرة الباري جلّ شأنه على كل شيء كدليل على إمكان تحقق المعاد ، فما يقرّب إمكانية القيامة إلى الأذهان هو إحياء الأراضي الميتة بإنزال المطر عليها ، العملية تمثل إحياء بعد موت مختصة بعالم النبات.
ثم إن البيان القرآني في الآيات أعلاه قد طرح بعض مفردات الأغذية التي جعلها الله تحت تصرف الإنسان والحيوان ، لتثير عند الإنسان الإحساس بضرورة شكر المنعم الواهب ، وهذا الإحساس بدوره سيدفع الإنسان ليتقرب في معرفة بارئه ومصوّره.
وشرعت الآيات بقولها : (فَلْيَنْظُرِ الْإِنسنُ إِلَى طَعَامِهِ) ، كيف خلقه الله تعالى؟!