يقول القرآن الكريم في جوابهم : (فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ). أي : يقبلون نحوك من كل جانب مسرعين.
(عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشّمَالِ عِزِينَ). أي جماعات متفرقين.
(أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِىٍ مِّنْهُمْ أَن يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ). بأي إيمان وبأي عمل يستحقون ذلك؟!
«مهطعين : جمع مهطع ، وتعني الذي يمدّ عنقه مقبلاً على شيء بسرعة للبحث عنه ، وأحياناً تأتي ـ فقط ـ بمعنى مدّ العنق لاستطلاع الأمر.
«عزين : جمع عزة ، على وزن هبة وتعني جماعات متفرقين.
وهنا يجيبهم القرآن المجيد فيقول : (كَلَّا). ليس الأمر كذلك وليس لهم حق الدخول إلى الجنة : (إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّمَّا يَعْلَمُونَ).
في الحقيقة أنّ الله يريد بهذه الجملة أن يحطم غرورهم ، لأنّه يقول : إنّكم تعلمون جيداً مم خلقناكم؟ من نطفة قذرة ، من ماء آسن مهين.
ويجيب ثانياً على المستهزئين بالمعاد فيقول : إذا كنتم في شك من المعاد فتمعنوا في حال هذه النطفة ، وانظروا كيف خلقنا موجوداً بديعاً من قطرة ماء قذرة يتطور فيها الجنين كل يوم يتّخذ شكلاً جديداً ، ألا يقدر خالق الإنسان من هذه النطفة أن يعيد إليه الحياة بعد دفنه؟
ثم يقول تعالى مؤكّداً ذلك : (فَلَا أُقْسِمُ بِرَبّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ * عَلَى أَن نُّبَدّلَ خَيْرًا مِّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ).
لعل هذه الجملة إشارة إلى أنّنا لسنا قادرين على أن نعيد لهم الحياة بعد الموت فحسب ، بل إنّنا نستطيع أن نبدله إلى أكمل الموجودات وأفضلها ، ولا يمنعنا من ذلك شيء.
أو هو إشارة إلى أنّنا نهلككم جزاءً لأعمالكم ولا يمنعنا من ذلك شيء ، ونستبدل بكم مؤمنين واعين ، ليكونوا أنصاراً للنبي صلىاللهعليهوآله ولا يضرّنا ذلك شيئاً.
(فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (٤٢) يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (٤٣) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ) (٤٤)
هذه الآيات وهي آخر آيات سورة المعارج جاءت لتنذر وتهدد الكفار المعاندين