والمستهزئين. يقول سبحانه : (فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِى يُوعَدُونَ) (١).
لا يلزم الإستدلال والموعظة أكثر من هذا ، فإنّهم لا يتعضون وليس لهم الإستعداد للإستيقاظ ، دعهم يخوضوا في أباطيلهم وأراجيفهم كمايلعب الأطفال حتى يحين يومهم الموعود ، يوم البعث ويرون كل شيء بأعينهم.
ثم تبيّن الآية التالية اليوم الموعود ، وتذكر بعض علامات ذلك اليوم المرعب فيقول تعالى : (يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ).
إنّ هذا التعبير في الحقيقة استهزاء بعقائدهم التافهة التي كانوا يعتقدون بها في الدنيا.
«الأجداث : جمع جدث ـ على وزن (عبث) ـ وتعني القبر.
«سراع : جمع سريع ، تعني الحركة السريعة للشيء أو الإنسان.
«نصب : جمع نصيب ، والمراد منه هو ما ينصب كعلامة ، وتطلق على الأصنام الحجرية إذ كانوا ينصبونها في مكان ما ليعبدوها ويُقدّم لها القرابين ثم يلطخون دماءها عليها.
«يوفضون : من إفاضة وتعني الحركة السريعة المشابهة لحركة الماء المنحدر من العين.
ثم تذكر الآيات حالات اخرى لهؤلاء فتضيف : (خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ) (٢).
من شدة الهول والوحشة وقد غرقوا في ذلة مهينة.
وفي آخر الآية يتابع قوله : (ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِى كَانُوا يُوعَدُونَ).
|
نهاية تفسير سورة المعارج |
* * *
__________________
(١) يخوضوا : من أصل خوض ـ على وزن حوض ـ وتعني في الأصل الحركة في الماء ، ثم جاءت بصيغة الكناية في موارد يغطس فيه الإنسان في الباطل.
(٢) ترهقهم : من أصل رهق على وزن (سقف) ويراد به غشيان الشيء بقهر.