ثم يضيف تعالى
: (فَعَصَوْا رَسُولَ
رَبّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً).
لقد خالف
الفراعنة (موسى وهارون) عليهماالسلام وواجهوهما بمنتهى العنف والتشكيك والملاحقة ... وكذلك
كان موقف أهل مدينة (سدوم) من لوط عليهالسلام الذي بعث لهدايتهم وإنقاذهم من ضلالهم ... وهكذا كان ـ أيضاً
ـ موقف أقوام آخرين من رسلهم حيث التطاول ، والتشكيك والإعراض والتحدّي ..
إنّ كل مجموعة
من هؤلاء الأقوام المتمرّدين قد إبتلاهم الله بنوع من العذاب ، وأنزل عليه رجزاً
من السماء بما يستحقّون ، فالفراعنة أغرقهم الله سبحانه في وسط النيل الذي كان
مصدراً لخيراتهم وبركة بلدهم وإعمار أراضيهم وديارهم ، وقوم لوط سلّط الله عليهم (الزلزال)
الشديد ثم (مطر من الحجارة) ممّا أدّى إلى موتهم وفنائهم من الوجود.
وأخيراً تعرّض
بإشارة موجزة إلى مصير قوم نوح والعذاب الأليم الذي حلّ بهم. قال تعالى : (إِنَّا لَمَّا طَغَا الْمَاءُ
حَمَلْنَاكُمْ فِى الْجَارِيَةِ).
إنّ طغيان
الماء كان بصورة غطّى فيها السحاب ، ومن هنا جاء تعبير (طغى) حيث هطل مطر غزير
جدّاً وكأنّه السيل ينحدر من السماء ، وفاضت عيون الأرض ، والتقت مياههما بحيث
أصبح كل شيء تحت الماء (القوم وبيوتهم وقصور أكابرهم ومزارعهم وبساتينهم ...) ولم
تنج إلّامجموعة المؤمنين التي كانت مع نوح عليهالسلام في سفينته.
جملة (حملناكم)
كناية عن حمل وإنقاذ أسلافنا وأجدادنا من الغرق ، وإلّا فنحن لم نكن في عالم
الوجود حينذاك.
ثم يبيّن الله
سبحانه الغاية والهدف من هذا العقاب ، حيث يقول تعالى : (لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً
وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ).
إنّنا لم نرد
الإنتقام منكم أبداً ، بل الهداية والخير والسعادة ، كنّا نروم أن تكونوا في طريق
الكمال والنضج التربوي والوصول إلى ما ينبغي أن يكون عليه الإنسان المكرم.
«تعيها : من
مادة وعى في الأصل بمعنى الإحتفاظ بشيء معيّن في القلب ، وقد ذكرت هذه الصفة (الوعي)
للآذان في الآيات مورد البحث ، وذلك بلحاظ أنّها تسمع الحقائق وتحتفظ بها.
تعقيب
فضيلة
اخرى من فضائل الإمام علي عليهالسلام : جاء في كثير من الكتب الإسلامية المعروفة أنّ