النبي صلىاللهعليهوآله قال عند نزول هذه الآية (وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ) : سألت ربّي أن يجعلها اذن علي. فكان علي عليهالسلام يقول : ما سمعت من رسول الله صلىاللهعليهوآله شيئاً قطّ فنسيته ، إلّاوحفظته (١).
وهذه فضيلة عظيمة لقائد الإسلام العظيم الإمام علي عليهالسلام حيث يكون موضع أسرار الرسول صلىاللهعليهوآله ، ووارث علمه ، ولهذا السبب فإنّ الجميع كانوا يرجعون إليه ـ الموافق له والمخالف ـ بعد النبي صلىاللهعليهوآله وذلك عندما يواجهون المشاكل الاجتماعية والعلمية المختلفة ، ويطلبون منه التدخّل في حلّها ، كما تحدّثنا بذلك كتب التواريخ بشكل تفصيلي.
(فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (١٣) وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (١٤) فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (١٥) وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (١٦) وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ) (١٧)
الصيحة العظيمة : استمراراً لما تعرّضت له الآيات الاولى من هذه السورة ، والتي كانت تتعلق بمسألة الحشر والقيامة ، تعرض لنا هذه الآيات صورة عن الحوادث العظيمة في ذلك اليوم الرهيب باسلوب محرّك ومؤثّر في النفوس كي تحيط الإنسان علماً بما ينتظره من حوادث ذات شأن كبير في ذلك الموقف الرهيب. يقول تعالى في البداية : (فَإِذَا نُفِخَ فِى الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ).
لقد بيّنا فيما سبق أنّ مما يستفاد من القرآن الكريم أنّ نهاية عالم الدنيا وبداية عالم الآخرة تكون بصوت مفاجىء عظيم ، وذلك ما عبّر عنه ب (نفخة الصور).
نفخة الصور فهي نفختان : (نفخة الموت) ، و (نفخة الحياة الجديدة) ، لكن المقصود في هذه الآية الكريمة هو (النفخة الاولى) التي تحصل فيها نهاية عالم الدنيا.
ثم يضيف تعالى : (وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً).
«دكّ : بمعنى (الأرض المستوية) ولأنّ الأرض غير المستوية تحتاج إلى الدك حتى تستوي ، لذا استعمل هذا المصطلح في الكثير من الموارد بمعنى الدق الشديد.
والمقصود في الآية مورد البحث هو الدقّ الشديد للجبال والأراضي اللامستوية بعضها ببعض بحيث تستوي وتتلاشى فيها جميع التعرجات.
__________________
(١) تفسير القرطبي ١٨ / ٢٦٤ ، وتفسير مجمع البيان ١٠ / ١٠٧.