«حسوماً : من مادة حسم بمعنى إزالة آثار شيء ما ، ويقال : (حسم) أحياناً لوضع الشيء الحارّ على الجرح للقضاء عليه من الأساس.
لقد حطّمت وأفنت هذه الريح المدمّرة في الليالي السبع والأيّام الثمانية جميع معالم حياة هؤلاء القوم ، والتي كانت تتميّز بالابّهة والجمال ، واستأصلتهم من الجذور.
ويصوّر لنا القرآن الكريم مآل هؤلاء المعاندين بقوله تعالى : (فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ).
إنّه لتشبيه رائع يصوّر لنا ضخامة قامتهم التي إقتلعت من الجذور ، بالإضافة إلى خواء نفوسهم ، حيث إنّ العذاب الإلهي جعل الريح تتقاذف أجسادهم من جهة إلى اخرى.
«خاوية : من مادة خواء في الأصل بمعنى كون الشيء خالياً ، ويطلق هذا التعبير أيضاً على البطون الجائعة ، وتطلق كذلك على الجوز الأجوف الفارغ من اللب.
ويضيف في الآية التالية : (فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مّن بَاقِيَةٍ).
نعم ، لم يبق اليوم أي أثر لقوم عاد ، بل حتى مدنهم العامرة ، وعماراتهم الشامخة ومزارعهم النضرة لم يبق منها شيء يذكر أبداً.
(وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ (٩) فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً (١٠) إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (١١) لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ) (١٢)
أين الآذان الواعية : بعد ما استعرضت الآيات الكريمة السابقة الأحداث التي مرّت بقومي عاد وثمود ، وتستمرّ هذه الآيات في التحدّث عن الأقوام الاخرى كقوم (نوح) وقوم (لوط) لتكون درساً وعبرة لمن وعى وكان له قلب سليم ... يقول تعالى : (وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ).
ال خاطئة : بمعنى الخطأ و (لكليهما معنى مصدري) والمراد من الخطأ هنا هو الشرك والكفر والظلم والفساد وأنواع الذنوب.
«المؤتفكات : جمع (مؤتفكة) من مادة (ائتفاك) بمعنى الإنقلاب ، وهي هنا إشارة إلى ما حصل في مدن قوم لوط ، حيث إنقلبت بزلزلة عظيمة.
والمقصود ب (وَمِن قَبْلِهِ) هم الأقوام الذين كانوا قبل قوم فرعون ، كقوم شعيب ، وقوم نمرود الذين تطاولوا على رسولهم.