(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَمَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٧) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْ لَا يُعَذِّبُنَا اللهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٨) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٩) إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (١٠)
سبب النّزول
نقلت روايتان حول سبب نزول الآية الاولى أعلاه ، وكل واحدة منهما تخصّ قسماً من الآية الكريمة. تقول الرواية الاولى : قال ابن عباس : نزل قوله (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى) الآية ، في اليهود والمنافقين ، إنّهم كانوا يتناجون فيما بينهم ، دون المؤمنين ، وينظرون إلى المؤمنين ويتغامزون بأعينهم فإذا رأى المؤمنون نجواهم قالوا : ما نراهم إلّاوقد بلغهم عن أقربائنا وإخواننا الذين خرجوا في السرايا قتل ، أو مصيبة أو هزيمة. فيقع ذلك في قلوبهم ويحزنهم ، فلما طال ذلك شكوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله أن لا يتناجوا دون المسلمين ، فلم ينتهوا عن ذلك وعادوا إلى مناجاتهم ، فنزلت الآية (١).
أمّا الرواية الثانية فقد نقل في صحيح مسلم والبخاري وكثير من كتب التفسير ، ففي صحيح مسلم عن عائشة قالت : أتى النبي صلىاللهعليهوآله اناس من اليهود فقالوا : السام عليك يا أبا القاسم. قال : وعليكم. قالت عائشة قلت : بل عليكم السام والذام. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله يا عائشة لا تكوني فاحشة. فقالت ما سمعت ما قالوا. فقال : أوليس قد رددت عليهم الذي
__________________
(١) تفسير مجمع البيان ٩ / ٤١٣ ؛ وتفسير روح المعاني ٢٨ / ٢٥.