ثم يشير تعالى في تكملة الآية مرّة اخرى إلى الهدف الأساس لمثل هذه الكفارات : (ذلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ).
نعم إنّ إزالة الذنوب بوسيلة الكفارات تقوّي اسس الإيمان ، وتربط الإنسان بالتعاليم الإلهية قولاً وعملاً.
وفي نهاية الآية يؤكّد سبحانه بصورة قاطعة على الالتزام بأوامره حيث يقول : (وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ).
يقال للقوانين الإلهية إنّها حدود ، وذلك لحرمة تجاوزها.
وقد أدان الإسلام للظهار وشرّع له حكم الكفارة.
وبناءً على هذا فكلّما جعل الرجل على زوجته ظهاراً فإنّ الزوجة تستطيع أن تراجع الحاكم الشرعي وتلزمه ، إمّا أن يطلّقها بصورة شرعية ، أو يرجعها إلى حالتها الزوجية السابقة ، بعد دفعه للكفارة بالصورة التي مرّت بنا سابقاً.
(إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (٥) يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللهُ وَنَسُوهُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٦) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَمَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٧)
اولئك أعداء الله : إذا كانت آخر جملة في الآيات السابقة تحثّ الجميع بضرورة الالتزام بالحدود الإلهية وعدم تجاوزها ، فإنّ الآيات مورد البحث لا تتحدث عن الأشخاص الذين تجاوزوا حدود الله فحسب ، بل عن الذين حاربوا الله ورسوله ، وتوضّح عاقبتهم ومصيرهم في هذه الدنيا والعالم الآخر كذلك. يقول سبحانه في البداية : (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ).
«يحادون : من مادة محادة بمعنى الحرب المسلّحة والاستفادة من الحديد وتقال أيضاً