عنده ، وأنّ الإمام علياً ليس إلّا وليّ لله وحجّته على عباده .
فإنّ الشيخ لا يمانع من ذلك ؛ لأن الأدلّة الشرعيّة هي مع القائل بها ، ولا نرى مانعاً من أن يأتي المكلّف بالشهادة الثالثة لهذا الغرض .
وبهذا ، فنحن نوافق الصدوق في هجومه على الذين يأتون بها على نحو الجزئية ـ استناداً للأخبار الموضوعة ـ وفي الوقت نفسه لا نتردّد في أنّ الشيخ الصدوق على منوال جميع الأصحاب قائل بمحبوبيتها الذاتية العامّة ؛ لأنّ ذلك لا بأس به بالنظر للمعايير الفقهية والحديثية العامّة .
وباعتقادي أنّ الشيخ كان يرى رجحان الإتيان بها في الأذان لعموم الأدلة التي كانت عنده لكنْ لا بقصد الجزئية . ولعلّه قد فهم من المفوّضة أنّهم كانوا يأتون بها على نحو الجزئية ، ولأجله تهجّم عليهم .
ونحن نعتقد وكذا الشيخ قبلنا ـ طبقاً للروايات التي بحوزتنا ـ ، بأنّ هؤلاء الأئمة هم وسائط الفيض الالهي ، وقد منحهم ربّ العالمين هذه القدرة ، وليس كلّ ما يذكر لهم من منازل عالية في كتب الحديث والعقائد يستتبعه القول بالغلوّ أو التفويض ، فهم عباد مكرمون من البشر لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ، وهؤلاء الأئمة قالوا عن أنفسهم : « لا ترفعوا البناء فوق طاقتنا فينهدم ، اجعلونا عبيداً مخلوقين وقولوا فينا ما شئتم » (١) وفي آخر : « لا تتجاوزوا بنا العبودية ، ثم قولوا فينا ما شئتم ، ولن تبلغوا ، وإيّاكم والغلوّ كغلو النصارى فإنّي بريءُ من الغالين » (٢) ، فمقامهم عالي وهو مقام لا يمكن لأحد أن يصل إليه ويعرف كنهه ، فإنّ الشيخ هو الذي روى لنا صحيحاً ، حديثَ : « إنّ حديثنا صعب مستصعب لا
__________________
(١) بصائر الدرجات : ٢٦١ / ح ٢٢ .
(٢) تفسير الإمام العسكري : ٥٠ ، الاحتجاج للطبرسي ٢ : ٢٣٣ ، بحار الأنوار ٢٥ : ٢٧٣ ـ ٢٧٤ / ح ٢٠ / باب نفي الغلو ، عنهما .