السماوات والأرض (١) .
وبعد هذا فلا أستبعد صدور نص الفقيه عنه إمّا تقيّة ـ وهو الجازم بلزوم العمل بها حتى ظهور القائم عليهالسلام ـ وإمّا ردّاً على وضع المفوّضة فيما يعتقد هو انهم وضعوها ، ويشهد لذلك اضطراب عبارته رحمهالله ، فمرّة قال : « والمفوضة لعنهم الله » وبعد أسطر قال مرّة اُخرى « والمتهمون بالتفويض » ، وكلّ هذا وغيره يرجّح احتمال أنّه عنى باللّعن القائلين بالجزئية اعتماداً على الأخبار التي يعتقد هو أنّها موضوعة ، لا عموم القائلين بها ـ من الأدلّة العامّة ـ كما سيتّضح أكثر بعد قليل .
الحادية عشر : مرّ عليك قبل قليل أنّ الشـيخ الصدوق بعد إخباره بأنّ الشهادة الثالثة من وضع المفوضة عاد وقال عنهم : « المتّهمون بالتفويض » ، فنتساءل : هل هم من المفوّضة بضرس قاطع ، أم هم من « المتّهمين بالتفويض المدلّسين أنفسهم في جملتنا » ؟
إنّ الشيخ الصدوق رحمهالله لمّا لم يمكنه إثبات كونهم من المفوّضة يقيناً ، عاد واحتاط في كلامه فقال « المتهمون بالتفويض » ، وهذا يؤكّد عدم جزمه بأنّهم من المفوّضة ، وأنت تعلم بأنّ ما قاله هو مدركي اجتهادي يمكن الخدش فيه لا حِسِّيٌّ غير قابل للردّ .
بل لا يبعد أن يتولّد لدينا اعتقاد راسخ بأنّ الشيخ الصدوق قد قسّم القائلين بالشهادة الثالثة إلى قسمين :
القسم الأول : هم من قال عنهم : « والمفوّضة لعنهم الله قد وضعوا أخباراً وزادوا في الأذان . . . » .
والقسم الثاني : هم من قال عنهم : « وإنّما ذكرت ذلك ليعرف بهذه الزيادة المتّهمون بالتفويض » .
وحاصل ذلك : أنّ الذي يأتي بما يدلّ على رجحان الشهادة بالولاية ليس مفوّضاً
__________________
(١) الكافي ١ : ٤٤١ / ح ٨ ، من باب مولد النبي صلىاللهعليهوآله ووفاته .