وسئل سهل التستري رضي الله عنه عن الاستثناء فى هذه الآية ، فقال : تأكيدا فى الافتقار إليه ، وتأديبا لعباده فى كل حال ووقت. ه. أي : أدّبهم لئلا يقفوا مع شىء دونه.
ثم ردّ حميّة الجاهلية فى عدم إقرارهم برسالته صلىاللهعليهوسلم ، فقال :
(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً (٢٨) مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (٢٩))
يقول الحق جل جلاله : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى) ؛ بالتوحيد ، أي : ملتبسا به ، أو : بسببه ، أو : لأجله ، (وَدِينِ الْحَقِ) ؛ وبدين الإسلام ، وبيان الإيمان والإحسان. وقال الورتجبي : ودين الحق : هو بيان معرفته والأدب بين يديه. ه. (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) ؛ ليعليه على جنس الدين ، يريد الأديان كلها من أديان المشركين وأهل الكتاب ، وقد حقق ذلك سبحانه ، فإنك لا ترى دينا قط إلا والإسلام فوقه بالعزة والغلبة ، إلا ما كان من النّصارى بالجزيرة (١) ، حيث فرّط أهل الإسلام ، وقيل : هو عند نزول عيسى عليهالسلام حين لا يبقى على وجه الأرض كافر. وقيل : هو إظهاره بالحجج والآيات. (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) على أن ما وعده كائن. وعن الحسن : شهد على نفسه أنه سيظهر دينه ، أو : كفى به شهيدا على نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم وهو تمييز ، أو حال.
(مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ) أي : ذلك المرسل بالهدى ودين الحق هو محمد رسول الله ، فهو خبر عن مضمر ، و «رسول» : نعت ، أو : بدل ، أو : بيان ، أو : «محمد» : مبتدأ و «رسول» : خبر ، (وَالَّذِينَ مَعَهُ) : مبتدأ ، خبره : (أَشِدَّاءُ
__________________
(١) يعنى الأندلس.