شمول الحكم لجميع الأفراد. (١)
وفيه : أنّ هذه المقالة مبتنية على القول بدلالة ألفاظ العموم ، ـ نظير كلمة : «كلّ» ـ على شمول الحكم لجميع أفراد ما يراد من مدخول تلك الألفاظ ، لا جميع أفراد ما ينطبق عليه مدخولها ، كما عن المحقّق الخراساني قدسسره ، فإن اريد من كلمة : «العالم» في قولنا : أكرم كلّ عالم ، مطلق العالم ، عمّ وجوب الإكرام بمعونة تلك الكلمة جميع أفراده حتّى فسّاقهم ، وإن اريد منها خصوص العالم العادل ، عمّ الحكم لجميع أفراد العالم العادل فقط ، ومن المعلوم ، أنّ إثبات الإطلاق محتاج إلى مقدّمات الحكمة الّتي منها عدم البيان ، والخاصّ في مفروض الكلام يكون بيانا ، ومقتضى البيانيّة وعدم تماميّة مقدّمات الحكمة هو التّخصيص.
ولكن قد عرفت في مبحث العامّ والخاصّ : أنّ أدوات العموم إنّما تدلّ على شمول الحكم لجميع ما ينطبق عليه مدخولها ، فنفس كلمة : «كلّ» في المثال تدلّ على وجوب إكرام جميع أفراد العالم من العدول والفسّاق بلا حاجة إلى إجراء مقدّمات الحكمة. وقد صرّح بذلك ـ أيضا ـ المحقّق النّائيني قدسسره بقوله : «فإنّ مفاد «كلّ» إنّما هو استيعاب ما ينطبق عليه مدخولها ، والمدخول ينطبق على كلّ فرد فرد من أفراد العالم ، فهي تدلّ على استيعاب كلّ فرد فرد من أفراد العالم». (٢)
وقد ذكر بعض الأعاظم قدسسره ـ أيضا ـ وجهين آخرين لتقديم التّخصيص على النّسخ : أحدهما : «أنّ الخاصّ المقدّم على العامّ مانع عن انعقاد الظّهور للعامّ من أوّل
__________________
(١) راجع ، مصباح الاصول : ج ٣ ، ص ٣٨٤.
(٢) فوائد الاصول : ج ١ ، ص ٥١٥.