فقل : إنّ العلم الإجماليّ هنا ينحلّ بالعلم التّفصيليّ بالنّسبة إلى الحدث الأصغر والشّكّ البدويّ بالنّسبة إلى الحدث الأكبر ، بل لا علم إجماليّا هنا إلّا ظاهرا وصورة ، فلا انحلال حقيقة ، بلا فرق فيه بين الأقوال الثّلاثة في الحدثين من التّخالف كالسّواد والحلاوة والتّضادّ والاتّحاد مع اختلافهما في الشّدّة والضّعف.
(تذييل)
«أصالة عدم التّذكية»
المشهور بل المتسالم عليه بين الأصحاب قدسسرهم جريان أصالة عدم التّذكية إذا شكّ في تذكية حيوان ، فيترتّب عليه الأثران وهما الحرمة والنّجاسة ، وقد خالفهم في ذلك جماعة : منهم الفاضل التّوني قدسسره والتزم بأنّ النّجاسة ليست من آثار عدم التّذكية والمذبوحيّة ، مستدلّا بأنّ عدم التّذكية لازم لأمرين : أحدهما : الحياة ؛ ثانيهما : الموت بحتف الأنف ، وليس عدم التّذكية بما هو هو موجب للنّجاسة ولا ملزومه الأوّل (الحياة) ، بل الموجب لها هو ملزومه الثّاني (الموت بحتف الأنف) فعدم التّذكية لازم أعم لما يوجب النّجاسة.
ومن الواضح : أنّ عدم التّذكية اللّازم للحياة مغاير لعدمها اللّازم للموت حتف الأنف ، فالأوّل (الحياة) هو المتيقّن في الزّمان الأوّل ، والمفروض أنّه غير باق في الزّمان الثّاني ، بل مع فرض البقاء لا يجدي كما لا يخفى ، والثّاني (الموت بحتف الأنف) مشكوك الحدوث من أوّل الأمر ، فكيف يتمسّكون لإثبات النّجاسة بأصالة عدم التّذكية! (١)
__________________
(١) راجع ، فرائد الاصول : ج ٣ ، ص ١٩٨ و ١٩٩.