فهذا العلم الإجماليّ مانع قطعا عن التّمسّك بالاستصحاب وأصالة عدم النّسخ.
وفيه : أنّ محلّ الكلام هو ما إذا انحلّ ذلك العلم الإجماليّ بالظّفر بموارد النّسخ بالمقدار المعلوم بالإجمال ، كما هو الحال في التّمسّك بالعامّ مع العلم الإجماليّ بالتّخصيص ، والتّمسّك بالعمل بالبراءة النّقليّة والعقليّة مع العلم الإجماليّ بتكاليف كثيرة.
(الأصل المثبت)
التّنبيه الثّامن : اعلم ، أنّه لا تترتّب على المستصحب الآثار العقليّة والعادية ، وكذا الشّرعيّة الّتي تكون من آثارهما ، بل إنّما تترتّب على الحكم المستصحب ، آثاره الشّرعيّة والعقليّة الّتي تكون من قبيل وجوب الموافقة وحرمة المخالفة واستحقاق المثوبة عند الموافقة واستحقاق العقوبة عند المخالفة ، كما سيأتي بيانه في التّنبيه التّاسع.
والوجه في ذلك هو أنّ الاستصحاب من الاصول التّنزيليّة والتّعبّديّة ، ولا يتأتّى التّنزيل والتّعبّد إلّا بالنّسبة إلى ما يقبلهما وليس هو إلّا الآثار الشّرعيّة المترتّبة على نفس المستصحب ، وهذا بخلاف الأمارات ، فإنّه يترتّب عليها جميع الآثار حتّى العقليّة والعادية ، وكذا الشّرعيّة بواسطة غير شرعيّة.
وبالجملة : يفارق باب الاصول عن باب الأمارات ، بأنّ مثبتات الاصول وهي اللّوازم والملزومات والملازمات العقليّة والعادية إذا انتهت إلى الآثار الشّرعيّة ، ليست بحجّة دون مثبتات الأمارات فإنّها تكون حجّة. هذا كلّه ممّا لا كلام فيه ، إنّما الكلام في بيان الفارق بين البابين ، فنقول :