بعد العامّ بمدّة ، ثلاثة وهي النّسخ والتّخصيص وكون وظيفة المخاطبين بالعامّ ـ ظاهرا ـ هو العمل بالعموم الّذي يراد به الخصوص واقعا ، والقول بأنّ الأوجه هو الاحتمال الثّالث.
وأمّا الصّورة الثّانية ، فتترتّب على البحث عنها الثّمرة حتّى بالإضافة إلينا ، ففي المثال المتقدّم لو انعكس الأمر بأن يرد العامّ بعد الخاصّ ، فإن كان الخاصّ المتقدّم مخصّصا للعامّ المتأخّر لا يجوز لنا التّوضّؤ بالماء القليل الملاقي للنّجاسة ولا ترتيب آثار الطّهارة عليه ، وأمّا إن كان العامّ المتأخّر ناسخا للخاصّ جاز التّوضّؤ به وترتيب آثار الطّهارة عليه.
لا يقال : إنّ النّسخ بعد النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ممّا لا مجال له ، حيث ينقطع الوحي بعده صلىاللهعليهوآلهوسلم.
لأنّه يقال : لا مجال لهذا الإشكال بعد ما قرّر في محلّه من أنّ النّسخ في الأحكام ليس معناه : إلّا بيان أمدها ، وهذا أمر ممكن بعد انقطاع الوحي ـ أيضا ـ بأن يخبر النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الوصيّ عليهالسلام بأنّ الحكم الفلاني أمده زمان كذا ، فيبيّن الوصيّ ذلك في وقته ، فليس الوصيّ عليهالسلام إلّا مبيّن أمد الأحكام ، ومن المعلوم ، أنّه فرق بين نسخ الأحكام ورفعها ، وبين أمدها ووقتها.
وعليه : فيدور الأمر في المثال المفروض بين التّخصيص بأن يؤخذ بظاهر الخاصّ ، بمعنى : استمرار حكمه الثّابت به فيخصّص به العامّ ، وبين النّسخ بأن يؤخذ بظاهر العامّ ، بمعنى : شمول حكمه لجميع الأفراد حتّى أفراد الخاصّ ، فينسخ به الخاصّ ويبيّن به أمد حكمه.